ولهذا جعل صاحب الأشباه المسألة مستثناة من ذلك العموم الذي أطبقوا عليه، وهذا بخلاف إقرار بعض الورثة بقبض ميراثه من بقية الورثة وإبرائه لهم فإنه لا تسمع دعواه، خلافا لما أفتى به الخير الرملي مستندا إلى ما لا يدل له كما أوضحه سيدي الوالد رحمة الله تعالى في رسالته المذكورة، فلا يعدل عما قالوه لعدم النص في ذلك.
فالحاصل: الفرق بين إقرار الابن للوصي وبين إقرار بعض الورثة للبعض، لما في البزازية عن المحيط: لو أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكروا لا تسمع دعواه، وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه ا ه.
ووجه الفرق بينهما أن الوصي هو الذي يتصرف في مال اليتيم بلا اطلاعه، فيعذر إذا بلغ وأقر بالاستيفاء منه لجهله، بخلاف بقية الورثة فإنهم لا تنصرف لهم في ماله ولا في شئ من التركة إلا باطلاع وصيه القائم مقامه فلم يعذر بالتناقض، ومن أراد زيادة بيان ورفع الجهالة فعليه بتلك الرسالة ففيها الكفاية لذوي الدراية، وبه علم أن ما كان ينبغي للمصنف أن يذكر ما في البزازية متنا، وأما ما سيجئ آخر الصلح فليس فيه إبراء عام، وأما الامر بالرد فقد بينا وجهه قريبا فلا تنسه، فتدبر. قوله:
(وسنحققه في الصلح) كان عليه أن يقول: وسنحقق خلافه، لان جعل الابراء عن الأعيان مبطلا لدعواها قضاء، وقد علمت أنه ليس فيه إبراء عام. قوله: (ربا عليه) أي على القرض. قوله: (شرح وهبانية) أي لابن الشحنة، ومثله في القنية معزيا لعبد القادر في الطبقات عن علاء الدين، وبه أفتى في الحامدية والخير الرملي في فتاويه الخيرية من الدعوى. قوله: (قلت وحرر الخ) أقول: يتعين الافتاء بالمنقول، لأنه مضطر، فلا يرد لا عذر لمن أقر لا سيما وقد علمت أنه أفتى بالمتن هؤلاء الاجلاء المتأخرون. قوله: (لأنه لا عذر لمن أقر) فيه أن اضطراره إلى هذا الاقرار عذر. قوله: (غايته أن يقال الخ) ولأنه لا يتأتى على قول الإمام لأنه يقول بلزوم المال ولا يقبل تفسيره وصل أو فصل. وعندهما:
إن وصل قبل وإلا فلا، ولفظة ثم تفيد الفصل فلا يقبل اتفاقا. شرنبلالي. وقد ضمن يقال معنى يفتى فعداه بالباء ط.
وحاصل ما يقال من تحرير الشرنبلالي: أنه لا فائدة لدعواه أن بعض المقر به ربا إلا تحليف المقر له بناء على قول الثاني إذا ادعى أنه أقر كاذبا يحلف المقر له، وهذه المسألة من أفرادها فلذا قال في هذه ونحوها: ولقد أبعد من حمل قول أبي يوسف على الضرورة فقط كما في هذه المسألة كما مر قبيل استثناء، ولا تنس ما قدمناه في شتى القضاء فتحصل أن المفتى به هو المقول الذي مشى عليه المصنف.
قوله: (بأنه يحلف المقر له) على أنه لم يكن بعضه ربا بل كله دين ثابت في ذمته شرعا. قوله: (وبه) أي بقول أبي يوسف فيمن أقر: أي قبيل الاستثناء، وفي بعض النسخ فيما مر.