تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٧٢٦
به. وكان بشر المريسي يأخذ بالقياس إلى أن نزل به ضيف فدفع دراهم إلى إنسان ليأتي بالرؤوس المشوية فجعل يصفها له، فعجز عن إعلامه بالصفة فقال اصنع ما بدا لك، فذهب الرجل واشترى الرؤوس وحملها إلى عياله وعاد إلى بشر بعد ما أكلها، فقال له أين مما قلت لك؟ قال ما قلت لي اصنع ما بدا لك وقد بدا لي ما فعلت، فرجع عن قوله وأخذ بالاستحسان. وجه الاستحسان ما روي عن النبي (ص): أنه دفع دينارا إلى حكيم بن حزام وأمره أن يشتري شاة للأضحية ولم يبين صفتها، وأيضا فإن وجه الاستحسان ما ذكره أن مبني التوكيل على التوسعة لأنه استعانة وفي اشتراط عدم الجهالة اليسيرة حرج، فلو اعتبرناه لكان ما فرضناه توسعة ضيقا وحرجا، وذلك خلف باطل، فلا بد من بيان الجهالة اليسيرة وغيرها ليتميز ما يفسد الوكالة عما لا يفسدها.
فنقول: إذا كان اللفظ يجمع أجناسا كالدابة والثوب، أو ما هو في معنى الأجناس كالدار والرقيق على ما يجئ (1) في الكتاب المولد فإنه راد. وذكر في المغرب المولدة التي ولدت ببلاد الاسلام والسط (2) مع الوسط كالعدة والوعد والعظة في أن التاء عوضت في آخرها عن الواو الساقط من أولها في المصدر والفعل من حد ضرب. ومن قال لآخر اشتر لي ثوبا أو دارا أو دابة فالوكالة باطلة: أي وإن بين الثمن، وقد ذكرنا ولما بطلت الوكالة كان الشراء واقعا على الوكيل، وبه صرح في نسخ الجامع الصغير فقال: رجل أمر رجلا أن يشتري له ثوبا أو دابة فاشترى فهو مشتر لنفسه والوكالة باطلة. وكذا الدار: أي لا يصح التوكيل بشراء الدار مطلقا. وذكر الامام قاضيخان رحمه الله تعالى في الجامع الصغير: والدار أيضا من الجنس والنوع، لأنها تختلف بقلة المرافق وكثرتها، فإن بين الثمن يلحق بجهالة النوع، وإن لم يبين يلحق بجهالة الجنس، وعلى تقرير المتأخرين يشترط المحلة لأنها تختلف باختلاف المحال، ولما سمي من الثمن توجد الدار في كل محلة. وكذا لو قال اشتر لي حنطة لا يصح ما لم يبين عدد القفزان أو الثمن، لان هذا الاسم يتناول القليل والكثير، وإن سمي ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز معناه في نوعه، ويعيده بذكر نوع الدار مخالف لرواية المبسوط، فقال فيه:
وإن وكله بأن يشتري له دارا ولم يسم ثمنا لم يجز ذلك على الآمر، ثم قال: وإن سمي الثمن جاز لان تسمية الثمن تصير معلومة عادة، وإن بقيت جهالة فهي يسيرة مستدركة، والمتأخرون من مشايخنا يقولون: في ديارنا لا يجوز إلا ببيان المحلة، وكذا إذا سمي نوع الدابة بأن قال حمار يصح التوكيل بشراء الحمار، وإن لم يسم الثمن، لان الجنس صار معلوما بالتسمية، وإنما بقيت الجهالة في الوصف فتصح الوكالة بدون تسمية الثمن وإن كانت الحمير أنواعا: منها للركوب، ومنها للحمل، فإن هذا اختلاف الوصف، وذلك لا يضر مع أن ذلك يصير معلوما بمعرفة حال الموكل ا ه‍ فا في النهاية.
ولتراجع نسخة أخرى، لان النسخة التي بيدي محرفة جدا. قوله: (كعبد) في الجوهر الشاة مثله لان النبي (ص) أعطى عروة دينارا وأمره أن يشتري له شاة فذكر الجنس والثمن وإن قال اشتر شاة أو عبدا ولم يذكر ثمنا ولا صفة فالوكالة باطلة، لان اختلاف العبيد والجواري أكثر من

(1) قوله (على ما يجئ الخ) هكذا الأصل ولتحرر هذه العبارة فإنها غير ظاهرة ولذلك نبه المؤلف رحمه الله تعالى في آخر المقولة على أن النسخة محرفة جدا.
(2) أي الوسط.
(٧٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 731 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813