به. وكان بشر المريسي يأخذ بالقياس إلى أن نزل به ضيف فدفع دراهم إلى إنسان ليأتي بالرؤوس المشوية فجعل يصفها له، فعجز عن إعلامه بالصفة فقال اصنع ما بدا لك، فذهب الرجل واشترى الرؤوس وحملها إلى عياله وعاد إلى بشر بعد ما أكلها، فقال له أين مما قلت لك؟ قال ما قلت لي اصنع ما بدا لك وقد بدا لي ما فعلت، فرجع عن قوله وأخذ بالاستحسان. وجه الاستحسان ما روي عن النبي (ص): أنه دفع دينارا إلى حكيم بن حزام وأمره أن يشتري شاة للأضحية ولم يبين صفتها، وأيضا فإن وجه الاستحسان ما ذكره أن مبني التوكيل على التوسعة لأنه استعانة وفي اشتراط عدم الجهالة اليسيرة حرج، فلو اعتبرناه لكان ما فرضناه توسعة ضيقا وحرجا، وذلك خلف باطل، فلا بد من بيان الجهالة اليسيرة وغيرها ليتميز ما يفسد الوكالة عما لا يفسدها.
فنقول: إذا كان اللفظ يجمع أجناسا كالدابة والثوب، أو ما هو في معنى الأجناس كالدار والرقيق على ما يجئ (1) في الكتاب المولد فإنه راد. وذكر في المغرب المولدة التي ولدت ببلاد الاسلام والسط (2) مع الوسط كالعدة والوعد والعظة في أن التاء عوضت في آخرها عن الواو الساقط من أولها في المصدر والفعل من حد ضرب. ومن قال لآخر اشتر لي ثوبا أو دارا أو دابة فالوكالة باطلة: أي وإن بين الثمن، وقد ذكرنا ولما بطلت الوكالة كان الشراء واقعا على الوكيل، وبه صرح في نسخ الجامع الصغير فقال: رجل أمر رجلا أن يشتري له ثوبا أو دابة فاشترى فهو مشتر لنفسه والوكالة باطلة. وكذا الدار: أي لا يصح التوكيل بشراء الدار مطلقا. وذكر الامام قاضيخان رحمه الله تعالى في الجامع الصغير: والدار أيضا من الجنس والنوع، لأنها تختلف بقلة المرافق وكثرتها، فإن بين الثمن يلحق بجهالة النوع، وإن لم يبين يلحق بجهالة الجنس، وعلى تقرير المتأخرين يشترط المحلة لأنها تختلف باختلاف المحال، ولما سمي من الثمن توجد الدار في كل محلة. وكذا لو قال اشتر لي حنطة لا يصح ما لم يبين عدد القفزان أو الثمن، لان هذا الاسم يتناول القليل والكثير، وإن سمي ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز معناه في نوعه، ويعيده بذكر نوع الدار مخالف لرواية المبسوط، فقال فيه:
وإن وكله بأن يشتري له دارا ولم يسم ثمنا لم يجز ذلك على الآمر، ثم قال: وإن سمي الثمن جاز لان تسمية الثمن تصير معلومة عادة، وإن بقيت جهالة فهي يسيرة مستدركة، والمتأخرون من مشايخنا يقولون: في ديارنا لا يجوز إلا ببيان المحلة، وكذا إذا سمي نوع الدابة بأن قال حمار يصح التوكيل بشراء الحمار، وإن لم يسم الثمن، لان الجنس صار معلوما بالتسمية، وإنما بقيت الجهالة في الوصف فتصح الوكالة بدون تسمية الثمن وإن كانت الحمير أنواعا: منها للركوب، ومنها للحمل، فإن هذا اختلاف الوصف، وذلك لا يضر مع أن ذلك يصير معلوما بمعرفة حال الموكل ا ه فا في النهاية.
ولتراجع نسخة أخرى، لان النسخة التي بيدي محرفة جدا. قوله: (كعبد) في الجوهر الشاة مثله لان النبي (ص) أعطى عروة دينارا وأمره أن يشتري له شاة فذكر الجنس والثمن وإن قال اشتر شاة أو عبدا ولم يذكر ثمنا ولا صفة فالوكالة باطلة، لان اختلاف العبيد والجواري أكثر من