اختلاف سائر الأنواع وعادة الناس في ذلك مختلفة فكانت بين الجنس والنوع. قوله: (فإن بين الثمن الخ) لان بتقدير الثمن يصير النوع معلوما أطلقه فشمل ما إذا كان الثمن مخصصا نوعا أو لا، وبه اندفع ما في الجوهرة حيث قال: وهذا إذا لم يوجد بهذا الثمن من كل نوع، أما إذا وجد لا يجوز عند بعض المشايخ انتهى.
أقول: جزم منلا خسرو في متنه الغرر حيث قال: فإن بين النوع أو ثمن عين نوعا صحت وإلا لا انتهى. ومثله في غرر الأفكار مختصر النهاية، لكن قال القهستاني في شرحها: والأحسن ترك الصفة: يعني الثمن بقوله: عين نوعا فإن النوع صار معلوما بمجرد تقدير الثمن كما في الهداية.
وعن أبي يوسف أنه ينصرف إلى مثل ما يليق بحال الموكل اه. ولا يخفى ما فيه.
أقول: قال المقدسي بعد نقله عبارة الجوهرة المذكورة مؤيدا لها.
قلت: ولا شك أن الخمسين مثلا يوجد بها من الحبشي والهندي وغيرهما اه. قوله: (صحت) أي الوكالة. قوله: (وإلا) أي وإن لم يبين الثمن أو الصفة لا يصح. قوله: (وكله بشراء ثوب هروي) منسوب إلى هراة مدينة بخراسان فتحت زمن عثمان رضي الله عنه. قال الإتقاني: فإن قال اشتر ثوبا هرويا ولم يسم الثمن فهو جائز إذا اشتراه بما يشتري مثله أو زاد على ذلك بما يتغابن الناس في مثله، وكذلك كل جنس سماه من الثياب فإن سمى له ثمنا فزادا على ذلك الثمن لم يلزم الآمر، وإن نقص من ذلك الثمن لم يلزم الآمر، فإن وصف له صف وسمى له ثمنا فاشترى له تلك الصفة بأقل من ذلك الثمن جاز ذلك علة الآمر اه.
والأصل فيه أنه إذا بين الموكل به بجنسه ونوعه ووصفه تصح الوكالة به لا محالة، وإن ترك جميع ذلك وذكر لفظا يدل على أجناس مختلفة فذلك مجهول، فلم تصح الوكالة أصلا لتمام الجهل، وإن بين الجنس وذكر لفظا يدل على أنواع مختلفة: فإن ضم إليه بيان النوع أو الثمن صحت الوكالة وإلا فلا، وإن بين النوع ولم يبين الوصف كالجودة وغيرها فكذلك: أي تصح الوكالة. كذا في العناية والمقدسي.
قوله: (أو فرس أو بغل) قيد بهما للاختلاف في الشاة كما تقدم، فمنهم من جعلها من هذا القبيل:
أي الجهالة الفاحشة، ومنهم من جعلها من قبيل المتوسطة. قوله (صح بما يتحمله حال الآمر) حتى لو أن عاميا وكله بشراء فرس فاشترى فرسا يليق بالملوك لزم الوكيل. قال الإتقاني: وإنما جعل جهالة النوع عفوا لان التفاوت بين النوع والنوع يسير، فلا يمنع الامتثال لكن تنصرف الوكالة إلى ما يليق بحال الموكل اه. قوله: (زيلعي فراجعه) عبارته: لان الوكيل قادر على تحصيل مقصود الموكل بأن ينظر في حاله ح. وفي الكفاية: فإن قيل الحمير أنواع منه ما يصلح لركوب العظماء ومنها ما لا يصلح إلا ليحمل عليه.
قلنا: هذا اختلاف الوصف مع أن ذلك يصير معلوما معرفة حال الموكل حتى قالوا: إن القارئ إذا أمر إنسانا بأن يشتري له حمارا ينصرف إلى ما يركب مثله، حتى لو اشتراه مقطوع الذنب أو الاذنين لا يجوز عليه. قوله: (لأنه من القسم الأول) أي مما فيه جهالة يسيرة، وهي جهالة النوع المحض لأنه ببيان الصفة صارت يسيرة وإن لم يسم ثمنا. قوله: (وبشراء داره) جعل الدار كالعبد تبعا