وقبل الوكيل وكالة ثم خرج من عند الموكل وأشهد على نفسه أن يشتريه لنفسه ثم اشترى العبد بمثل ذلك الثمن فهو للموكل كما في الهندية.
والأصل أن الوكيل يعزل نفسه بحضرة موكله لا في غيبته دفعا للغرر، وعذا في العزل القصدي، أما في الضمني كما لو كان ذلك بمخالفة الموكل بصح مطلقا. وعليه فلو وكله أو يزوجه معينة فتزوجها فقد عزل نفسه عزلا ضمنيا لأنه جعله مزوجا لا متزوجا، فالذي عقده غير مسلط عليه من قبل الموكل فهو مخالف فيه فيكون عزلا ضمنيا، بخلاف الشراء فإنه إنما فوض إليه أن يشتريه وقد اشترى فلم تحصل المخالفة، إلا أنه نواه لنفسه لا للآمر، فتبطل نيته لبقاء الوكالة، وعدم عزله لعدم المخالفة منه إذا لم يباشر المأمور به، حتى لو اشتراه بخلاف ما سمى له من الثمن أو بغير النقود كان مخلفا أمره فينعزل عزلا ضمنيا، فلا يتوقف على علم الموكل.
قال الحموي: ومثل التوكيل بشراء شئ بعينه التوكيل بالاستئجار، إلا أني لم أره صريحا وهي حادثة الفتوى، ولو اشترى نصف المعين فالشراء موقوف إن اشترى باقيه قبل الخصومة لزم الموكل عند أصحابنا الثلاثة.
ولو خاصم الموكل الوكيل إلى القاضي قبل أن يشتري الوكيل الباقي وألزم القاضي الوكيل ثم إن الوكيل اشترى الباقي بعد ذلك لزم الوكيل بالاجماع، وكذا كل ما في تبعيضه ضرر وفي تشقيصه عيب كالعبد والأمة والدابة والثوب، وهذا بخلاف ما إذا وكله ببيع عبده فباع نصفه أو جزء منه معلوما فإنه يجوز عند الامام سواء باع الباقي منه أو لا، وإن وكله بشراء بشئ ليس في تبعيضه ضرر ولا في تشقيصه عيب فاشترى نصفه يلزم الموكل ولا يتوقف لزومه على شراء الباقي ا ه. قوله: (بخلاف الوكيل بالنكاح) أي بنكاح معينة، والأنسب وضعها بعد قول المصنف لا يشتريه لنفسه ح. قوله:
(والفرق في الواني) أي بين التوكيل بشراء معين وبين التوكيل بنكاح معينة مذكور في الواني. محشي الدرر. وذكره الزيلعي أيضا.
وحاصله: أن النكاح الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل فينعزل إذا خالف وأضافه إلى نفسه، بخلاف الشراء فإنه مطلق غير مقيد بالإضافة لكل أحد. وعبارة الزيلعي: لان النكاح الذي أتى به الوكيل غير داخل تحت أمره، لان الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل، فكان مخالفا بإضافته إلى نفسه فانعزل. وفي الوكالة بالشراء الداخل فيها شراء مطلق غير مقيد بالإضافة إلى الموكل.
فكل شئ أتى به لا يكون مخالفا به، إذ لا يعتبر في المطلق إلا ذاته دون صفاته، فيتناول الذات على أي صفة كانت فيكون موافقا بذلك، حتى لو خالف مقتضى كلام الآمر في جنس الثمن وقدره كان مثله ا ه.
قلت: حاصله أن النكاح من العقود التي تضاف إلى الموكل، ولا تتحقق له إلا بالإضافة، بخلاف الشراء فإنه يكون للموكل ولو أضافه الوكيل إلى نفسه كما يعلم مما مر.
أقول: وعبارة الواني: فإن قيل ما الفرق بين هذا وبين ما إذا وكله بتزويج امرأة بعينها حيث جاز له أن يتزوجها؟ قلنا: هو أن النكاح الذي أتى به الوكيل غير الذي أمر به، لان المأمور به النكاح الذي أضيف إلى الآمر، وهذا أضيف إلى الوكيل، فكان مخالفا، وأما في مسألتنا فالمأمور مطلق الشراء غير مقيد بالإضافة إلى أحد، هكذا قيل. ولا يخفى أن قوله وفي مسألتنا المأمور مطلق الشراء ممنوع،