تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٧٢١
ثم اعلم أن هذه المذكورات يفترض بعضها عن بعض، من حيث إن ما كان منها إسقاطا يضيفه الوكيل إلى نفسه مع التصريح بالموكل، فيقول زوجتك فلانة وصالحتك عما تدعيه على فلان من المال أو الدم، أما ما كان منها تمليكا لعين أو منفعة أو حفظ فلا يضيفه إلى نفسه بل إلى الموكل فقط، كقوله لفلان كذا أو أودعه كذا أو أقرضه كذا فلا بد في هذا من إخراج كلامه مخرج الرسالة، فلا يصح أن يقول هبني كذا كما مر ولا هبني لفلان وأودعني لفلان، وعلى هذا فقولهم التوكيل بالاستقراض باطل، معناه: أنه في الحقيقة رسالة لا وكالة، فلو أخرج الكلام مخرج الوكالة لم يصح، بل لا بد من إخراجه مخرج الرسالة كما قلنا. وبه علم أن ذلك غير خاص بالاستقراض، بل كل ما كان تمليكا إذا كان الوكيل من جهة طالب التملك لا من جهة المملك، فإن التوكيل بالاقراض والإعارة صحيح لا بالاستقراض والاستعارة، بل هو رسالة. هذا ما ظهر لي فتأمله. أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى آمين. قوله: (كنكاح) فلو لم يضف النكاح إلى الموكل، وأضافه إلى نفسه وقع له. قال في البحر معزيا للبزازية: الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل، لان عهدتهما على الموكل على كل حال، ولو أخرج الوكيل الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه صح إلا في النكاح. والفرق في أن الطلاق أضافه إلى الموكل معنى لأنه بناه على ملك المتعة والرقبة وهو للموكل، وأما في النكاح فذمة الوكيل قابل للمهر، حتى لو كان وكيلا بالنكاح من جانبها وأخرج الكلام مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى، لان صحة النكاح بملك البضع وهو لها فكأنه قال ملكتك بضع موكلتي. وفي الجوهرة: إذا قال أبو الصغير زوجها من ابنك فقال الأب قبلت ولم يقل لابني جاز النكاح للابن، لان الايجاب له والقبول يتقيد به فصار كقوله قبلت لابني ولو قال زوجت ابنتي ولم يزد وقع للأب هو الصحيح. وينبغي للوكيل بالنكاح أن يقول قبلت لأجل فلان.
واعلم أن ما في البزازية من أنه لو أضاف الطلاق إلى نفسه يصح. حكاه في جامع الفتاوي بقيل حيث قال: ولو قال أنت مني طالق أو أنت طالق مني لم يقع، وقيل يقع، وقوله مني لغو. قال:
واستفيد الوقوع بأنت طالق من غير إضافة بالاتفاق انتهى. قوله: (وصلح عن دم عمد أو عن إنكار) ومثله عن السكوت: يعني أن زيدا إذا ادعى دارا على عمرو فوكل عمرو وكيلا على أن يصالح على المائة فيقول زيد صالحت عن دعوى الدار على عمرو بالمائة ويقبل الوكيل فيتم الصلح، ولا فرق بين أن يكون الصلح عن إنكار أم عن إقرار كما في صدر الشريعة. ورد عليه ابن كمال بقوله: هذا الصلح لا تصح إضافته إلى الوكيل، بخلاف الصلح عن إقرار فإنه تصح إضافته إلى كل منهما، وقد عرفت اختلاف الإضافة في الموضعين فافترق الصلحان في الإضافة. قال العلامة أبو السعود: قال الشيخ باكير: في التقييد بكون الصلح عن إنكار نظر، فإنه لا فرق في الصلح بين أن يكون عن إنكار أو عن إقرار في الإضافة، فإن زيدا إذا ادعى على عمرو فوكل عمرو وكيلا على أن يصالح على مائة فإذا قال زيد صالحت عن دعوى الدار على عمرو بالمائة وقبل الوكيل هذا الصلح يتم الصلح، سواء كان عن إقرار أو إنكار، إلا أنه إذا كان عن إقرار يكون كالبيع فترجع الحقوق إلى الوكيل كما في البيع فتسليم بدل الصلح على الوكيل، وإذا كان عن إنكار فهو فداء يمين في حق المدعى عليه، فالوكيل سفير محض فلا ترجع إليه الحقوق. حموي.
(٧٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 726 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813