تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٧٢٥
إلى غير ذلك. وفي العرف: ذوات الأربع، وهو قريب منه، فإذا جرى العرف على غير ذلك اتبع، لان المتكلم يقصد المتعارف عنده، فالمدني إذا قال وكلتك بشراء دابة لا يقصد منها إلا الحمار، فهو كما لو سماه وفي بعض الجهات يريدون بالحيوان الحمار، ولا يعرفون لحيوان معنى سواه. وفي دمشق يباع ثياب معلومة من القطن في سوق معين بعد صلاة العصر، فلو وكل أحدا ممن يتعاطاها أن يشتري له ثوبا لم ينصرف إلا لها، وعلى هذا يقاس قوله: وإن متوسطة وهي جهالة النوع الغير المحض وهو ما تفاوتت أفراده تفاوتا فاحشا كعبد، ولذا لا يجري فيه الجبر على القسمة.
قال في النهاية: وحال هذا أن الجهالة لا تخلو ما إن كانت في المعقود عليه وهو المبيع والمشتري، أو في المعقود به وهو الثمن، فالجهالة بالمعقود عليه لا تخلو من ثلاثة أوجه: جهالة فاحشة:
وهي ما كانت في الجنس مثل التوكيل بشراء الثوب والدابة والرقيق، فلا يصح سواء سمي الثمن أو لم يسم، لان اسم الرقيق يتناول الذكر والأنثى، وهما من بني آدم جنسان مختلفان، حتى لو اشترى شخصا على أنه غلام فإذا هو جارية كان البيع باطلا، وكذلك اسم الدابة يقع على ما يدب على وجه الأرض، دليله قوله تعالى: * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * (هود: 6) وجهالة يسيرة:
وهي ما كنت في النوع المحض كالتوكيل بشراء شاة أو بقر أو فرس أو ثوب هروي أو جارية تركية أو هندية وهو صحيح بين الثمن أو لم يبين. وجهالة متوسطة بين منزلة الجنس والنوع، كالتوكيل بشراء عبد أو جارية أو دار أو لؤلؤ، فهذه الأشياء ملحقة بالجنس من وجه، لان اختلاف العبد والجواري أكثر من اختلاف سائر الأنواع، وعادة الناس في ذلك مختلفة، فإذا لم يسم الثمن أو الصفة ألحق بمجهول لجنس، وإذا سمى الثمن أو الصفة بأن قال تركي أو هندي ألحق بمجهول النوع، وهذا لان العبيد جنس واحد باعتبار منفعة العمل أجناس مختلفة باعتبار منفعة الجمال وأن منفعة الجمال مطلوبة من بني آدم، ولهذا يجعل رؤية الوجه من بني آدم كرؤية الكل في إسقاط خيار الرؤية. وفي هذه المنفعة يختلف التركي والهندي اختلافا فاحشا، فكان جنسا واحدا من وجه دون وجه، فألحقناه بالجنس الواحد عند بيان الثمن والصفة والجنس المختلف إذ لم يبين أحدهما عملا بالشبهين، ولنا جهالة جنس المعقود به لا تمنع صح التوكيل، حتى أن من وكل ببيع عين من أعيان ماله جاز وإن لم يبين الثمن، وجاز له أن يبيع بأي ثمن شاء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، لان المعقود به اكتساب المالية، والأجناس كله في المالية سواء، فمن هذا الوجه اتحد الجنس ولا يختلف، وأما المعقود عليه فالمالية كما هي مقصودة فمرافق أخر أيضا مقصودة كالسن والركوب، وباعتبارها يختلف الجنس. فلم تجز الوكالة عند اختلاف الجنس كذلك، ولهذا قلنا: لا يشترط بيان الجنس، ولا بيان النوع في المضاربة إذ المقصود بها اكتساب المالية، والأنواع والأجناس سواء في اعتبار المالية. كذا ذكره الامام المرغيناني والمحبوبي رحمهما الله تعالى. والأصل: أن الجهالة اليسيرة تتحمل في الوكالة كجهالة الوصف استحسانا، وإنما قيد بقولها استحسانا لان القياس يأباه.
فإن قلت: قد ذكر في المبسوط: وإن سمي الجنس والنوع ولم يبين الصفة جازت الوكالة، سواء سمي الثمن أو لم يسم، وهذا استحسان. وفي القياس: لا يجوز ما لم يبين الصفة. وجه القياس: أن التوكيل بالبيع والشراء معتبر بنفس البيع والشراء، فلا يجوز إلا ببيان وصف المعقود عليه، ألا ترى أنا نجعل الوكيل كالمشتري لنفسه، ثم كالبائع من الموكل، وفي ذلك الجهالة تمنع الصحة فكذا فيما اعتبر
(٧٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 720 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813