تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٦٦٦
صحيح، وإن أقر برجوع باطل لأنه يجعل إنشاء للحال كما في المنح. قوله: (قبل وجعل إنشاء) أي كما لو أقرا عند القاضي إنهما رجعا عند غير قاض، إلى آخر ما تقدم في المقولة التي قبل هذه، فظهر الفرق بين ما إذا برهن على رجوعهما عند غير القاضي، وبين ما إذا برهن على إقرارهما بالرجوع عند غير قاض، فإنه في الأول لا يقبل، لان رجوعهما عند غير القاضي غير معتبر، وفي الثاني يقبل، لان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة. فبالبرهان على إقرارهما صارا كأنهما أقرا في الحال، والحال أنهما عند القاضي، وذلك رجوع معتبر فيقبل. قوله: (ابن ملك) ومثله في التبيين، وعبارته: ولو أقام بينة أنهما أقرا برجوعهما عند غير القاضي تسمع، لان إقرارهما به يكون رجوعا منهما في الحال ا ه‍: أي وإن كان إقرارهما عند غيره باطلا لأنه يجعل إنشاء للحال. قوله: (سقطت) أي الشهادة عن الاعتبار فلا يقضي القاضي بها لتعارض الخبرين بلا مرجح للأول. قوله: (ولا ضمان) لأنهما لم يتلفا شيئا على أحد. قوله: (وعزر) أي الشاهد: أي جنسه الصادق بالواحد والمتعدد. وفي بعض النسخ بلفظ التثنية مطابقا لقول المتن فإن رجعا وفي بعضها بالافراد: أي الشاهد كما فيما بعده وهو قوله: لأنه فسق نفسه إشارة إلى أن الحكم لا يختلف فيما إذا رجعا أو رجع أحدهما.
قال في الفتح: قالوا: ويعزر الشهود سواء رجعوا قبل القضاء أو بعده، ولا يخلو عن نظر، لان الرجوع ظاهر في أنه توبة عن تعمد الزور إن تعمده، أو التهور والعجلة وإن كان أخطأ فيه، ولا تعزير على التوبة، ولا على ذنب ارتفع بها، وليس فيه حد مقدر ا ه‍. وأجاب في البحر: بأن رجوعه قبل القضاء قد يكون لقصد إتلاف الحق أو كون المشهود عليه غره بمال لا لما ذكره، وبعد القضاء قد يكون لظنه بجهله أنه إتلاف على المشهود له مع أنه إتلاف لما له بالغرامة ا ه‍.
أقول: ويظهر لي أن لجواب الحسن في ذلك أن للحاكم تعزير الجاني ولو بعد انقضاء الجناية، بخلاف غيره من بقية المسلمين فليس لهم ذلك إلا حين التلبس بها، ومعلوم أن القاضي حاكم. قوله:
(ولو عن بعضها) كما لو شهدا بدار وبنائها أو بأتان وولدها ثم رجعا بالبناء والولد لم يقض بالأصل.
منح. قوله: (لأنه فسق نفسه) بتشديد السين المهملة من التفسيق، وشهادة الفاسق لا تقبل. بحر ومنح. قوله: (لم يفسخ الحكم) لان آخر كلاهم يناقض أوله فلا ينقض الحكم بالتناقض، ولأنه في الدلالة على الصدق مثل الأول، وقد ترجح الأول باتصال القضاء به. منح. قوله: (مطلقا) قال في المنح: وقولي مطلقا يشمل ما إذا كان الشاهد وقت الرجوع مثل ما شهد في العدالة أو دونه أو أفضل منه، وهكذا أطلق في أكثر الكتب متونا وشروحا وفتاوى. وفي المحيط: يصح رجوعه لو حاله بعد الرجوع أفضل منه وقت الشهادة في العدالة، وإلا لا ويعزر. ورده البحر لعدم صحته عن أهل المذهب لمخالفته ما نقلوه من وجوب الضمان على الشاهد إذا رجع بعد الحكم، ونقل في الفتح أنه قول أبي حنيفة الأول وهو قول شيخه حماد، ثم رجع عنه إلى قولهما وهو عدم نقض القضاء وعدم رد المال على المقضي عليه على كل حال، وعليها استقر المذهب. وعزاه في البحر أيضا إلى كافي الحاكم، وهكذا قال في البزازية: ثم رجع إلى قولهما وعليه استقر المذهب ا ه‍. ومثله في التتارخانية برمز المحيط، فإنه نقل عنه أن أبا حنيفة كان يقول كذا، وساق التفصيل ثم قال: ثم رجع عن هذا القول
(٦٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 661 662 663 664 665 666 667 668 669 670 671 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813