ضمناها وعلى إفراد الضمير يكون الضمير راجعا إلى المشهود به. قوله: (ضمناها) أي الزيادة للزوج لأنهما أتلفاها بلا عوض، إذ الأصل أن المشهود به إن لم يكن مالا كقود ونكاح لم يضمن، وكذا المال بمقابلة عوض بقدره، ويضمن ما زاد على العوض، وبلا عوض يضمن كله، فلو شهدا عليها بنكاح فقضى به ثم رجعا لم يضمنا لها شيئا سواء كان المسمى مثل مهر مثلها أو أكثر أو أقل، لأنهما وإن أتلفا عليها البضع بما لا يعدله لكنه لا يتقوم على المتلف، وإنما يتقوم على المتملك ضرورة التملك، وهذا لان ضمان الاتلاف مقدر بالمثل، ولا مماثلة بين البضع والمال، فأما عند دخوله في ملك الزوج فقد صار متقوما إظهارا لخطره حتى يصان عن الابتذال، ولا يملك مجانا لحصول النسل به وذا لا يوجد في طرف الإزالة، ولو كانت هي المدعية فشهدا ورجعا: فإن كان مهر مثلها كالمسمى أو أكثر لم يضمنا لأنهما أوجبا عليه المهر بعوض يعدله أو يزيد عليه وهو البضع، لأنه عند الدخول في ملك الزوج متقوم، وبينا أن الاتلاف بعوض يعدله لا يوجب ضمانا. فإن كان مهر مثلها أقل من الزيادة ضمناها للزوج لما مر. مقدسي.
قال الزيلعي: فإن قيل: هذا مستقيم في حقها لأنهما أتلفا عليها البضع بعوض متقوم، وأما في حق الزوج فغير مستقيم، لان البضع غير متقوم وأتلفا عليه المال المتقوم بمقابله فوجب أن يضمنا له مطلقا قلنا: البضع تقوم حال دخوله في الملك والكلام فيه انتهى. قوله: (لو هي المدعية وهو المنكر) راجع إلى الثلاث: أي لو ادعت عليه النكاح بمهر مثلها أو أقل أو أزيد وشهد شاهداها بذلك وقضى به القاضي على الزوج ثم رجع الشاهدان لم يضمنا شيئا في الأولين وضمنا الزيادة في الثالثة كما علمت. قوله: (عزمي زاده) أقول: ومثله في أكثر المعتبرات متونا وشروحا، فالعزو للمتون أولى.
قوله: (ولو شهدا بأصل النكاح بأقل من مهر مثلها) أي عليها بقرينة المقابلة بما مر، ولأن أصل النكاح إنما يثبت على المرأة للزوج لأنها المملوكة له وهو المالك، ثم إذا رجعا لم يضمنا ما نقصاه من مهر مثلها لتعذر المماثلة، لان منافع البضع غير متقومة عند الاتلاف فلا تضمن بالمتقوم، إذ التضمين يستدعي المماثلة، وإنما تضمن وتقوم بالتملك ضرورة إبانة خطر المحل. كذا في التبيين. بقي ما لو كان دعواه بمهر مثلها أو أكثر وعلم حكمه، فإنه إذا لم يثبت لها شئ مع شهادتهما بالأقل فبالمساواة والأكثر كان كذلك بالأولى، فلا خلل في عبارة المتن والشرح. قوله: (على المعتمد) ذكره في الهداية وشروحها، خلافا لما في المنظومة النسفية وشرحها، وتبعهما صاحب المجمع، حيث ذكروا أنهما يضمنان ما نقص عندهما خلافا لأبي يوسف.
قال في الفتح: وما في الهداية وشروحها هو المعروف ولم ينقلوا سواه، وهو المذكور في الأصول كالمبسوط وشرح الطحاوي والذخيرة وغيرها، وإنما نقلوا فيها خلاف الشافعي، فلو كان لهم شعور بالخلاف في المذهب لم يعرضوا عنه بالكلية، ولم يشتغلوا بنقل خلاف الشافعي ا ه.
قال الرملي: وفي المصفى: لو أثبتوا نكاحها فأوكسوا لم يضمنوا إن رجعوا ما بخسوا.
وصورته: ادعى نكاح امرأة على مائة وقالت تزوجني على ألف ومهر مثلها ألف وأقام شاهدين على مائة وقضى بها ثم رجعا بعد الدخول بها لا يضمنان شيئا لها. وقالا: يضمنان لها تسعمائة، على أن عندهما القول قولها إلى تمام مهر مثلها، فكان يقضي لها بألف لولا شهادتهما فما أتلفا عليها