تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٦٦٩
أقول: عبارة الخلاصة هكذا: الشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما رجوعا معتبرا: يعني عند القاضي لا يبطل القضاء، لكن ضمن المال الذي شهدا به، وهذا قوله الآخر، وهو قولهما، وعليه الفتوى، سواء قبض المقضي له المال الذي قضي له أو لم يقبض انتهت. فقوله: وهو قوله الآخر ليس نصا في رجوعه إلى الاطلاق وإلا لاخره، والذي يظهر لي أنه أراد بقوله الآخر الضمان بالرجوع مطلقا: أي سواء كان الشاهد كحاله الأول في العدالة أو لا، فيكون إشارة إلى ما تقدم الكلام فيه فيما مر آنفا، يقر به ما في الفتح حيث قال: واعلم أن الشافعية اختلفوا في هذه المسألة، والصحيح عند الامام والعراقيين وغيرهم أن الشهود يضمنون كمذهبنا، والقول الآخر لا ينقض، ولا يرد المال من المدعي، ولا يضمن الشهود، وهو عين قول أبي حنيفة الأول إذا كان حالهما وقت الرجوع مثله وقت الأداء ا ه‍.
وفي الولوالجية: ثم إذا صح الرجوع لا يبطل القضاء، ولكن يضمنان المال الذي شهدا له به وهو قولهما وقول أبي حنيفة الآخر اه‍. فهذه العبارة تؤيد ما قلنا.
ولو سلم أنه أراد رجوع الامام عن التقييد بالقبض فنقول: لو صح لم يمش على خلافه أصحاب المتون وغيرهم كالهداية والمختار والوقاية والغرر والاصلاح والكنز والملتقى ومواهب الرحمن، فكلهم قيدوا بالقبض، وجزم به صاحب المجمع كما علمت والحدادي في الجوهرة، ولو صح نقل الرجوع لذكره شراح الهداية، فإنهم اقتصروا على شرح ما ذكره الماتن، ونقلوا القول الآخر من غير ترجيح، ولا ذكر رجوع، وأنت على علم بأن ما أثبته أرباب المتون في متونهم مختار لهم، لان المتون في متونهم مختار لهم، لان المتون موضوعة لنقل المذهب، ومما هو مقرر مشتهر أن ما في المتون مقدم على ما في الشروح، وما في الشروح مقدم على ما في الفتاوى والحواشي، فكيف لا يقدم ما في المتون والشروح على ما في الفتاوى؟ وحينئذ فما كان ينبغي للمصنف أن يجزم بما في الفتاوى ويعدل عما عليه المتون، فالعبرة لما عليه أصحاب المتون أنه لا يرجع إلا بعد القبض دينا كان أو عينا، فليتأمل. وما نقله في البحر عن الخلاصة أن ما في الفتاوى هو قول الإمام الأخير كما علمت فيه الكلام المتقدم، وللمقال فيه محال، كأنه هو الذي غر المصنف. قوله: (وقيده في الوقاية الخ) وكذا في الهداية والمختار والاصلاح ومواهب الرحمن، وجزم به الحدادي في الجوهرة وصاحب المجمع. قوله: (وقيل إن المال عينا فكالأول) قائله شيخ الاسلام:
أي يجب على الشهود الضمان مطلقا قبضها المشهود له أو لا، لأن الضمان مقيد بالمماثلة، وفي العين زوال ملك الشهود عليه عنها بالقضاء وفي الدين لا يزول ملكه حتى يقبضه، ألا ترى أن المقضي عليه لا يجوز له أن يتصرف فيها وجاز للمقضي عليه ذلك. حلبي بزيادة. قال العلامة أبو السعود: وكذلك العقار يضمنه قبل القبض عندهم، لان العقار يضمن بالاتلاف بشهادة الزور، بخلاف الغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف لعدم تحققه فيه. زيلعي. وقوله عندهم: أي عند أبي حنيفة وصاحبيه. بقي أن يقال: ظاهر كلام الزيلعي يفيد عدم اشتراط القبض في العقار لوجوب الضمان على الشاهد إذا رجع بعد القضاء من غير خلاف، وليس كذلك، بل الخلاف ثابت ولهذا قال شيخنا: هذا على قول شيخ الاسلام، وعلى قول شمس الأئمة لا يضمنه الشاهدان بالرجوع إلا إذا قبضه المدعي كالمنقول ا ه‍.
قوله: (وإن دينا فكالثاني) أي لو رجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون إلى أن يؤدي إليهم، ولو بعده
(٦٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 674 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813