يضمنون: أي في الحال. قال في البحر: وفرق في المحيط بين العين والدين، فقال شهدا بعين ثم رجعا ضمنا قيمتها قبضها المشهود له أم لا، لان ضمان الرجوع ضمان إتلاف وضمان إتلاف مقدر بالمثل إن كان المشهود به مثليا وبالقيمة إن لم يكن مثليا، وإن كان المشهود به دينا فرجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون، وإن قبضه المشهود له ثم رجعا ضمنا لأنهما أوجبا عليه دينا فيجب في ذمتهما مثل ذلك، ولا يستوفي منهما إلا بعد قبض المشهود به تحقيقا للمعادلة ا ه. وهذا هو قول شيخ الاسلام، وشمل أيضا قوله: ما أتلفاه خمر الذمي وخنزيره لكن في كافي الحاكم: وإذا شهد الذميان على الذمي بمال أو خمر أو خنزير فقضى به ثم رجعا ضمنا المال وقيمة الخنزير ولا يضمنان الخمر ولا قيمته في قول أبي يوسف، ويضمنان قيمة الخمر في قول محمد، ولو لم يسلم الشاهدان وأسلم المشهود عليه ثم رجعا عن الشهادة ضمنا قيمة الخنزير ولم يضمنا قيمة الخمر، وشمل أيضا ما أتلفاه العقار فيضمنه الشاهد برجوعه كما في خزانة المفتين، فهو وإن كان لا يضمن بالغصب عندهما خلافا لمحمد يضمن بالاتلاف، وهذا منه.
وفي جامع صدر الدين: ادعى عبدا فيه يده ملكا وقضى به فادعاه آخر وقضى له ثم رجعوا ضمن كل فريق لمن شهد عليه. قال محمد: ولا يشبه الوصية، يعني لا يضمن للورثة لاتحاد المقضي عليه، بخلاف الملك دليله وجد شهود الأول عبيدا يرد عليه في الملك دون الوصية وشمل كل المشهود به أو بعضه، فلذا قال في جامع الفصولين عن محمد: شهدا له بدار وحكم له ثم قالا لا ندري لمن البناء فإني لا أضمنهما قيمة البناء للمشهود عليه كأنهما قالا قد شككنا في شهادتنا، ولو قالا ليس البناء للمدعي أضمنهما قيمة البناء. وعن أبي يوسف: شهدا له بدار فقالا قبل الحكم إنما شهدنا بالعرصة أقبل شهادتهما على ذلك ولم يكن هذا رجوعا، ولو قالاه بعد الحكم أضمنهما قيمة البناء ا ه.
ثم اعلم أن الضمان عنهما يسقط بأشياء. الأول: ضمنهما نصف المهر ثم أقر به رده إليهما.
الثاني: ضمنهما قيمة العبد ثم أقر بالاعتاق رده. الثالث: ضمنهما قيمة العين ثم وهبها المشهود له للمشهود عليه ردها إليهما. الرابع: رجع الواهب في هبته بقضاء بعد ما ضمنا الشاهدين رد الضمان.
الخامس: ورثة المقضي عليه رد الضمان، بخلاف ما لو اشتراه. الكل من العتابية. وشمل قوله أيضا ما أتلفاه جميع الأبواب إلا أن المصنف ذكر بعضها وفاته البعض، فذكر الدين والنكاح والبيع والطلاق والعتاق والقصاص وشهود الأصل والفرع والمزكى وشاهد اليمين: أي التعليق والولاء والتدبير والكتابة والاستيلاء والاحصان والشرط والايقاع. وسنشرح كل واحد منها وقد فاته الهبة والابراء والاستيفاء والبضاعة والتأجيل والنسب وأمومية الولد والدخول والخلع والولادة والموالاة والإقالة والوكالة والرهن والإجارة والمضاربة والشركة والشفعة والميراث والوصية والوديعة والعارية.
أما الهبة: ففي المحيط شهدوا أنه وهب عبده من فلان وقبضه ثم رجعا بعد القضاء ضمنا قيمة العبد، وحق الرجوع لا يمنع التضمين، فإن ضمنهما القيمة لم يرجع فيها لوصول العوض، ولا يرجع الشاهدان فيها، ولو كان أبيض العين يوم شهدا بالهبة ثم رجعا والبياض زائل ضمنا قيمته أبيض لاعتبار القيمة يوم القضاء ا ه.
وأما الابراء والتأجيل: ففي المحيط: شهاد أنه أبرأه عن الدين أو أجله سنة أو أوفاه فقضى به ثم