بالميراث للثاني، فيكون الثاني بالخيار إن شاء ضمن الشاهدين الأولين، وإن شاء ضمن المشهود له الأول، لأنه ظهر كذب الشاهدين الأولين فيما للحكم به تعلق. وبيان ذلك في مسألة الولاء قولهما هو وارثه لا وارث له غيره أمر لا بد منه للقضاء له بالميراث، فإنهم إذا شهدوا بأصل الولاء ولم يقولوا إنه وارثه فالقاضي لا يقضي له بالميراث، وإنما أخذ الأول الميراث بقول الشاهدين الأولين إنه مولاه ووارثه اليوم وقد ظهر كذبهما فضمنا، بخلاف مسألة الشهادة بالنكاح، فإنهما إذا شهدا أنه مات وهي امرأته، لان قولهما مات وهي امرأته زيادة غير محتاج إليها، فإنهما لو قالا كانت امرأته فإن القاضي يقضي لها بالميراث، فصار وجود هذه الزيادة والعدم بمنزلة، ولو انعدمت هذه الزيادة لكان لا يجب عليهما شئ لأنهما شهدا بنكاح كان ولم يظهر كذبهما في ذلك ا ه.
وفي البحر عن فروق الكرابيسي: شهد شاهدان على رجل أن فلانا أقرضه ألف درهم وقضى القاضي بها ثم أقام المقضي عليه بينة على الدفع قبل القضاء بأمر القاضي يرد الألف إليه، ولا يضمن الشهود، ولو شهدوا أن عليه ألف درهم وقضى القاضي بذلك وأخذ الألف ثم برهن المقضي عليه على البراءة قبل القضاء يضمن الشهود. والفرق أن في الوجه الأول لم يظهر كذبهم، لجواز أنه أقرضه ثم أبرأه، وفي الوجه الثاني ظهر كذبهم لأنهم شهدوا عليه بألف في الحال وقد تبين كذبهم، فصاروا متلفين عليه، ألا ترى أنه لو قال امرأته طالق إن كان لفلان عليه شئ فشهد المشهود أن فلانا أقرضه ألفا يحكم بالمال ولا يحكم بالوقوع، ولو شهدوا أن عليه ألفا يحكم بالمال والوقوع جميعا، فتبين بهذا أن الشهادة على الاقراض ليست شهادة على قيام الحق للحال، والشهادة بالدين مطلقا شهادة على الحق في الحال ا ه.
فقد علم تضمينها بظهور كذبهما من غير رجوع، فتضمينهما إذا تيقن كذبهما بالأولى، ولذا قال في تلخيص الجامع في باب بطلان الشهادة: أخذ الدية ثم جاء المشهود بقتله حيا ضمن الولي للقبض ظلما ولا يرجع لسلامة بدله أو الشاهد للالجاء كمكره المكره ويرجع بما أخذ الولي لملكه ذلك، وكذا لو اقتص لكن لا يرجع عنده إذ ليس للدم مالية تملك، بخلاف المدبر، ولهذا في عتقه يضمن الشاهد والمكره، وفي العفو لا، ولو شهد على لاقرار أو الشهادة ضمن الولي لما دون الشاهد، لأنه لم يظهر كذبه، إذ لا تنافي بخلاف الأول، ولهذا لو ثبت الابراء ضمن شاهد الدين دون الاقراض، ولو قال إن كان له علي حنث في الأول دون الثاني، كما لو وجد المشهود بنكاحها أما والشاهد عبدا أو محدودا في قذف ا ه.
وبهذا علمت أن فرع الكرابيسي منقول في التلخيص، واندفع الايراد عن القول بالتضمين إذا ظهر كذبه بما لو وجد المشهود بنكاحها أما أو أختا فإنه ظهر الكذب ولا ضمان ا ه. قوله: (تعديا) لان المتسبب يضمن إذا كان كذلك كما هو معلوم. قوله: (مع تعذر الخ) جواب عن سؤال، وهو إذا اجتمع المسبب والمباشر فالضمان على المباشر، فلم ضمن الشاهد دون القاضي؟ فأجاب: بأن القاضي متعذر تضمينه لأنه كالملجأ إلى القضاء. قوله: (قيض المدعي المال أو لا) تبع المصنف بهذا الاطلاق صاحب الخلاصة والبزازية وخزانة المفتين وأصحاب الفتاوى، لا صاحب المجمع كما في بعض نسخ البحر لعدم تحرير عبارتها، لان صاحب المجمع قال في شرحه هذا: إذا قبض المدعي المال دينا كان أو عينا وأصحاب الفتاوى لم يقيدوا ا ه. وعزو الشارح للخلاصة اتبع فيه صاحب البحر.