تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٧٩
ومن جملة ما علله الحموي بسقوط المروءة. تأمل. قوله: (وكذا كل ما يخل بالمروءة) عبارة الهداية:
ولا من يفعل الأشياء المستحقرة، وفي بعض النسخ المستقبحة، وفي بعضها المستخفة: أي التي يستخف الناس فاعلها، أو الخصلة التي يستخفها الفاعل فيبدو منه ما لا يليق. وعلى هذا المعنى قوله تعالى: * (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) * (الروم: 60) ومن يفعل فعلا يعد منه خفة وسوء أدب وقلة مروءة وحياء، لان من يكون كذلك لا يبعد منه أن يشهد بالزور، وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فافعل ما شئت كما في الفتح، ومنه إدمان حلق اللحية سواء كان عادة لأهل بلد الشاهد أم لا كما حرره سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه. قال في البحر: كل ما يخل بالمروءة بمنع قبولها وإن لم يكن محرما. والمروءة أن لا يأتي الانسان بما يعتذر منه مما يبخسه عن مرتبته عند أهل الفضل. وقيل السمت الحسن، وحفظ اللسان، وتجنب السخف والمجون، والارتفاع عن كل خلق دنئ. والسخف: رقة العقل، من قولهم: ثوب سخيف إذا كان قليل الغزل. وفي الغاية: قال محمد: وعندي المروءة الدين والصلاح اه‍. وقد ذكروا منها المشي بسراويل فقط والبخل، وقيد مالك بالمفرط لأنه يؤديه إلى منع الحقوق، ومن يعتاد الصياح في الأسواق، ومد الرجل عند الناس، وكشف رأسه في موضع يعد فعله خفة وسوء أدب، وسرقة لقمة، والافراط في المزح المفضي إلا الاستخفاف، وصحبة الأراذل، والاستخفاف بالناس، ولبس الفقهاء قباء، ولعل هذا الأخير كان من مخلات المروءة في الزمن السابق: وأما الآن فلا.
ثم اعلم أنهم اشترطوا في الصغيرة الادمان، وما شرطوه في فعل ما يخل بالمروءة فيما رأيت، وينبغي اشتراطه بالأولى، وإذا فعل ما يخل بها سقطت عدالته، وإن لم يكن فاسقا حيث كان مباحا ففاعل المخل بها ليس بفاسق ولا عدل، فالعدل من اجتنب الثلاثة، والفاسق من فعل كبيرة أو أصر على صغيرة، ولم أر من نبه عليه. بحر. قال في النهاية: وأما إذا شرب الماء أو أكل الفواكه على الطريق لا يقدح في عدالته، لان الناس لا تستقبح ذلك. منح.
أقول: لكن في زماننا يعدونه قادحا من البعض كما قدمناه آنفا. قوله: (ليستنجي من جانب البركة) بخلاف كشفها للبول والغائط إذا لم يجد ما يستتر به فإنه لا يفسق به اه‍. ط عن أبي السعود.
قوله: (أو يظهر سب السلف) السب: هو التكلم في عرض الانسان بما يعيبه. قال القهستاني: ونعم ما قيل: من طعن في علماء الأمة لا يلومن إلا أمه كما في الكرماني، ولذا قال أبو يوسف: لا أقبل شهادة من يشتم أصحابه عليه الصلاة والسلام، لأنه لو شتم واحدا من الناس لم تقبل شهادته، فهاهنا أولى كما في المحيط، فعلى هذا لا يبعد أن يكون السلف شاملا للمجتهدين كلهم كما ذكره المصنف وغيره. على أن السلف في الشرع كل من يقلد مذهبه في الدين كأبي حنيفة وأصحابه فإنهم سلفنا، والصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم فإنهم سلفهم كما في الكفاية، ولم يوجد أصل، لما في المستصفى أنه جمع سالف، والمشهور أنه في الأصل مصدر سلف: أي مضى. وسلف الرجل: آباؤه والجمع أسلاف. قوله: (لسقوط العدالة بسب المسلم) في الحديث: سباب المسلم فسوق، وقتاله
(٥٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813