ومن جملة ما علله الحموي بسقوط المروءة. تأمل. قوله: (وكذا كل ما يخل بالمروءة) عبارة الهداية:
ولا من يفعل الأشياء المستحقرة، وفي بعض النسخ المستقبحة، وفي بعضها المستخفة: أي التي يستخف الناس فاعلها، أو الخصلة التي يستخفها الفاعل فيبدو منه ما لا يليق. وعلى هذا المعنى قوله تعالى: * (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) * (الروم: 60) ومن يفعل فعلا يعد منه خفة وسوء أدب وقلة مروءة وحياء، لان من يكون كذلك لا يبعد منه أن يشهد بالزور، وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فافعل ما شئت كما في الفتح، ومنه إدمان حلق اللحية سواء كان عادة لأهل بلد الشاهد أم لا كما حرره سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه. قال في البحر: كل ما يخل بالمروءة بمنع قبولها وإن لم يكن محرما. والمروءة أن لا يأتي الانسان بما يعتذر منه مما يبخسه عن مرتبته عند أهل الفضل. وقيل السمت الحسن، وحفظ اللسان، وتجنب السخف والمجون، والارتفاع عن كل خلق دنئ. والسخف: رقة العقل، من قولهم: ثوب سخيف إذا كان قليل الغزل. وفي الغاية: قال محمد: وعندي المروءة الدين والصلاح اه. وقد ذكروا منها المشي بسراويل فقط والبخل، وقيد مالك بالمفرط لأنه يؤديه إلى منع الحقوق، ومن يعتاد الصياح في الأسواق، ومد الرجل عند الناس، وكشف رأسه في موضع يعد فعله خفة وسوء أدب، وسرقة لقمة، والافراط في المزح المفضي إلا الاستخفاف، وصحبة الأراذل، والاستخفاف بالناس، ولبس الفقهاء قباء، ولعل هذا الأخير كان من مخلات المروءة في الزمن السابق: وأما الآن فلا.
ثم اعلم أنهم اشترطوا في الصغيرة الادمان، وما شرطوه في فعل ما يخل بالمروءة فيما رأيت، وينبغي اشتراطه بالأولى، وإذا فعل ما يخل بها سقطت عدالته، وإن لم يكن فاسقا حيث كان مباحا ففاعل المخل بها ليس بفاسق ولا عدل، فالعدل من اجتنب الثلاثة، والفاسق من فعل كبيرة أو أصر على صغيرة، ولم أر من نبه عليه. بحر. قال في النهاية: وأما إذا شرب الماء أو أكل الفواكه على الطريق لا يقدح في عدالته، لان الناس لا تستقبح ذلك. منح.
أقول: لكن في زماننا يعدونه قادحا من البعض كما قدمناه آنفا. قوله: (ليستنجي من جانب البركة) بخلاف كشفها للبول والغائط إذا لم يجد ما يستتر به فإنه لا يفسق به اه. ط عن أبي السعود.
قوله: (أو يظهر سب السلف) السب: هو التكلم في عرض الانسان بما يعيبه. قال القهستاني: ونعم ما قيل: من طعن في علماء الأمة لا يلومن إلا أمه كما في الكرماني، ولذا قال أبو يوسف: لا أقبل شهادة من يشتم أصحابه عليه الصلاة والسلام، لأنه لو شتم واحدا من الناس لم تقبل شهادته، فهاهنا أولى كما في المحيط، فعلى هذا لا يبعد أن يكون السلف شاملا للمجتهدين كلهم كما ذكره المصنف وغيره. على أن السلف في الشرع كل من يقلد مذهبه في الدين كأبي حنيفة وأصحابه فإنهم سلفنا، والصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم فإنهم سلفهم كما في الكفاية، ولم يوجد أصل، لما في المستصفى أنه جمع سالف، والمشهور أنه في الأصل مصدر سلف: أي مضى. وسلف الرجل: آباؤه والجمع أسلاف. قوله: (لسقوط العدالة بسب المسلم) في الحديث: سباب المسلم فسوق، وقتاله