وقال فيه أيضا: اعلم أن من القواعد القطعية في العقائد الشرعية أن قتل الأنبياء أو طعنهم في الأشياء كفر بإجماع العلماء، فمن قتل نبيا أو قتله نبي فهو أشقى الأشقياء.
وأما قتل العلماء والأولياء وسبهم فليس بكفر، إلا إذا كان على وجه الاستحلال أو الاستخفاف، فقاتل عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما لم يقل بكفره أحد من العلماء، إلا الخوارج في الأول والروافض في الثاني. وأما قذف عائشة فكفر بالاجماع، وهكذا إنكار صحبة الصديق لمخالفة نص الكتاب، بخلاف من أنكر صحبة عمر أو علي وإن كانت صحبتهما بطريق التواتر إذ ليس إنكار كل متواتر كفرا، ألا ترى أن من أنكر جود حاتم بل وجوده أو عدالة أنور شروان وشهوده لا يصير كافرا، إذ ليس مثل هذا مما علم من الدين بالضرورة.
وأما من سب أحدا من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالاجماع، إلا إذا اعتقد أنه مباح أو يترتب عليه ثواب كما عليه بعض الشيعة، أو اعتقد كفر الصحابة فإنه كافر بالاجماع، فإذا سب أحدا منهم فينظر، فإن كان معه قرائن حالية على ما تقدم من الكفريات فكافر وإلا ففاسق، وإنما يقتل عند علمائنا سياسة لدفع فسادهم وشرهم، وهذا في غير الغلاة من الروافض، وإلا فالغلاة منهم كفار قطعا فيجب التفحص، فحيث ثبت أنه منهم قتل لأنهم زنادقة ملحدون، وعلى هؤلاء الفرقة الضالة بحمل كلام العلماء الذين أفتوا بكفرهم وسبي ذراريهم، لأنهم لا ينفكون عن اعتقادهم الباطل في حال إتيانهم بالشهادتين وغيرهما من أحكام الشرع كالصوم والصلاة فهم كفار لا مرتدون ولا أهل كتاب اه. وإن أردت توضيح المقام فعليك به فإن فيه تمام المرام. وقد ذكر سيدي الوالد رحمه الله تعالى أيضا نبذة من ذلك في باب المرتد فراجعها والسلام. قوله: (ممن تبرأ منهم) كالخوارج فإنهم من أهل الأهواء غير المكفرة. قوله: (لأنه يعتقد دينا) قال في المنح: وفرقوا بأن إظهاره سفه لا يأتي به إلا الاسقاط المستخفة وشهادة السخيف لا تقبل، ولا كذلك المتبرئ لأنه يعتقد دينا وإن كان على باطل فلم يظهر فسقه. قوله: (شهد أن أباهما) مثل الابنين كل من لا تقبل شهادته للموكل. وأما حكم الأجنبيين إذا شهدا بذلك بعد الدعوى فإنها تقبل قياسا واستحسانا. والقياس فيما ذكره أن لا تقبل للتهمة ولكونها شهادة للشاهد لعود المنفعة إليه. قوله: (أوصى إليه) هذا إضمار قبل الذكر، والأولى إظهاره بأن يقول أوصى إلى زيد، والمراد هنا جعله وصيا، يقال أوصى إليه: إذا جعله وصيا، أوصى له بكذا: أي جعله موصى له. قوله: (فإن ادعاه) أي الايصاء المفهوم من أوصى، والمراد من قوله ادعاه: أي رضي به.
قال في الحواشي السعدية: أي والوصي يرضى هكذا سنح للبال. ثم رأيت في شرح الجامع الصغير لمولانا علاء الدين الأسود ما نصه: والمراد من الدعوى في قوله والوصي يدعي هو الرضا؟ إذ الجواز لا يتوقف على الدعوى بل للقاضي أن يغصب وصيا إذا رضي هو به اه.
أقول: لكن الدعوى تستلزم الرضا بطريق ذكر الملزوم وإرادة اللازم. قاله الداماد. قوله:
(استحسانا) لأنه لم يثبت بهذه الشهادة شئ لم يكن للقاضي فعله، وإنما كان له نصب الوصي فاكتفى بهذه الشهادة مؤنة التعيين، إذ لولا شهادتهما لكان القاضي يتأمل فيمن يتعين فيعين من ثبت صلاحيته