ابن الشحنة أدرى وأعلم من السحائاني رحمهم الله تعالى، لا سيما وقد صححها أيضا المصنف في شرحه على الجامع الصغير، ونقل اختيار ابن الشحنة في منحه وأقره. قال في شرح الكنز: يجوز اللعب به لاحضار الذهن إذا لم يخل بالواجب.
قال ابن الشحنة: قلت: ولا يخفى أن ما ذكر من المعاني أولا من الاخلال بالواجب ثانيا يخل بكل ما اقترن به لأنها أمور منهية، فتنبه لذلك وقال بعد نقله الرواية عن وسيط المحيط: وهذا مما ابتلى به جمع من الحنفية، ففي هذا الفرع رخصة عظيمة لهم، فألحقته بقولي ولا بأس بالشطرنج، وهو رواية عن الحبر قاضي الشرق والغرب تؤثر، وهو الإمام أبو يوسف لان ولايته شملت المشارق والمغارب، لأنه كان قاضي الخليفة الرشيد اه.
قال القهستاني معزيا للجواهر: إن مجرد اللعب بالشطرنج قادح، وقيل هذا إذا اتخذه صنعة، فقد ورد روحوا القلوب ساعة فساعة اه. وللعلامة السخاوي تلميذ العلامة ابن حجر كتاب ألفه في الشطرنج وسماه عمدة المحتج في حكم الشطرنج وذكر فيه الأحاديث في المنع عنه وطعن فيها، ثم ذكر قسمين: قسما فيمن كرهه وذمه من الصحابة والأئمة، وسرد روايتهم في ذلك وضعف بعضها، وقسما في الصحابة المنسوب إليهم أنهم لعبوه أو أقروا عليه، وأورد ما قيل في ذلك وطعن فيه، ثم عقد بابا ذكر فيه ما جاء عن المجتهدين وعن التابعين وتابعي التابعين في ذلك من التحريم والإباحة واللعب به والنهي عنه، ثم جعل خاتمة ذكر فيها اختلاف العلماء فيه على مذاهب إلى آخر ما قال فيه، فراجعه.
قال بعض المحققين: إنما حرم النرد ولم يحرم الشطرنج لان المخطئ في الشطرنج إنما يجعل خطأه على فكره والمخطئ في النرد يحيله على القدر وهذا كفر، وما يفضي إلى الكفر حرام كما في يبايع المصابيح في باب التصوير. قوله: (شرط) أي لسقوط العدالة به. قوله: (أو يقامر) القمار الميسر. وفي القاموس: قامره مقامرة وقمارا فقمره كنصره راهنه فغلبه وهو التقامر اه. وذكر النووي أنه مأخوذ من القمر، لأن ما له نارة يزداد إذا غلب وينتقص إذا غلب كالقمر يزيد وينقص اه. قوله:
(حتى يفوت وقتها) أي فليس المراد بالترك عدم الفعل أصلا. قوله: (أو يحلف عليه كثيرا) قيده الزيلعي كالأتقاني بالكذب، وهو يفيد أن كثرة الحلف بدون الكذب أو الكذب فيه بدون كثرة لا ترد به شهادته، لأنه إنما يشتهر به إذا كثر منه. أبو السعود بتصرف ط. قوله: (أو يلعب به على الطريق) المراد به أن يكون بمرأى من الناس إذ هو لازمه. قال في الفتح: وأما ما ذكر من أن يلعبه على الطريق ترد شهادته فلاتيانه الأمور المحقرة. قوله: (أو يذكر عليه فسقا) أي ما يكون به فاسقا كالشم والقذف والغناء ط. قوله: (أو يداوم عليه) لان المداومة عليه دليل التلهي به، ويلزمه غالبا الاخلال ببعض المطلوب، وهذا هو سادس الشروط الستة الذي شرط وجود واحد منها لحرمته ولسقوط العدالة.
قال في البحر: والحاصل أن العدالة إنما تسقط بالشطرنج إذا وجد واحد من خمس القمار وفوت الصلاة بسببه وإكثار الحلف عليه واللعب به على الطريق كما في فتح القدير، أو يذكر عليه فسقا كما