في السراج اه. أو يداوم عليه كما ذكره الشارح. قوله: (أو يأكل الربا) أي يأخذ القدر الزائد على ما يستحق لأنه من الكبائر، فالمراد بالاكل الاخذ، وإنما ذكره تبعا للآية الكريمة: * (الذين يأكلون الربا) * (البقرة: 572) وإنما ذكر في الآية لأنه أعظم منافع المال ولأن الربا شائع في المطعومات، والمراد بالربا القدر الزائد لا الزيادة، وهي المرادة في قوله تعالى: * (وحرم الربا) * (البقرة: 571) كما بيناه في بابه بحر. قوله: (قيدوه بالشهرة) لان الانسان قلما ينجو من العقود الفاسدة وكل ذلك كالربا، فلو أطلق عدم القبول عن قيد الشهرة للزم الحرج. قال في البحر: وهو أولى مما قيل لان الربا ليس بحرام محض لأنه يفيد الملك بالقبض كسائر البياعات الفاسدة وإن كان غاصبا مع ذلك فكان ناقصا في كونه كبيرة، بخلاف أكل مال اليتيم ترد شهادته بمرة.
والأوجه ما قيل لأنه إن لم يشتهر به كان الواقع ليس إلا تهمة أكل الربا ولا تسقط العدالة به، ولا يصح قوله إنه ليس بحرام محض بعد الاتفاق على أنه كبيرة، والملك بالقبض شئ آخر وهذا أقرب ومرجعه إلى ما ذكر في وجه تقييد شرب الخمر بالادمان. وأما أكل مال اليتيم فلم يقيد أحد، وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي فلا فرق بين الربا ومال اليتيم.
والحاصل: أن الفسق في نفس الامر مانع شرعا، غير أن القاضي لا يرتب ذلك إلا بعد ظهوره له فالكل سواء في ذلك. وأما الكل مال اليتيم فلم يقيده أحد، ونصوا أنه بمرة، وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي لان الكلام فيما يرد به القاضي الشهادة فكان بمرة يظهر لأنه يحاسب فيعلم أنه انتقص من المال. فتح مع زيادة. قوله: (ولا يخفى أن الفسق) أي ولو بأكل مال اليتيم. قوله:
(يمنعها) أي الشهادة. قوله: (لا يثبت ذلك) أي الفسق المانع. قوله: (إلا بعد ظهوره له) انظر هل يكفي في الظهور له إخبار الشاهدين له؟ والمراد بالشهرة حينئذ أن يشتهر عندهما حاله. قوله: (فالكل) أي كل المفسقات لا خصوص الربا. سائحاني. قوله: (سواء) خلافا لمن فرق فقال: يأكل مال اليتيم مرة ترد، ويشترط الشهرة في الربا وقد علمت ما عليه المعول فلا تغفل. قوله: (بحر) وأصل العبارة للكمال في الفتح كما قدمناها مع زيادة. قوله: (فليحفظ) أي هذا التوفيق.
أقول: لكن نظر فيه السائحاني بقوله: والصواب ما قالوه من أن الربا يفيد الملك بالقبض والملك مبيح للاكل فكان ناقصا في كونه كبيرة اه. والأولى أن يقولوا: فكان ناقصا في إسقاط العدالة، وإلا هو كبيرة كما لا يخفى كما قدمناه قريبا، وأما أكل مال اليتيم فبمرة تسقط عدالته: يعني لعدم الشبهة.
قوله: (أو يبول أو يأكل على الطريق) أي في الطريق على حد: * (ودخل المدينة على حين غفلة) * (القصص: 51) ولا بد أن يكون بمرأى من الناس، وإنما منعا لدلالتهما على ترك المروءة، وإذا كان الشاهد لا يستحي من مثل ذلك لا يمتنع من الكذب فيتهم، وانظر حكم ما لا يعد أكلا عرفا كتعاطي شرب ومص قصب ونحوه ط.
أقول: الذي يظهر أن هذا مسقط لعدالة أهل الوجاهة من أشراف الناس وعلمائهم، ويدل عليه ما قاله في الأشباه في وصية الامام لأبي يوسف رحمه الله تعالى: ولا تشرب من السقاء والسقائين،