تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٧٨
في السراج اه‍. أو يداوم عليه كما ذكره الشارح. قوله: (أو يأكل الربا) أي يأخذ القدر الزائد على ما يستحق لأنه من الكبائر، فالمراد بالاكل الاخذ، وإنما ذكره تبعا للآية الكريمة: * (الذين يأكلون الربا) * (البقرة: 572) وإنما ذكر في الآية لأنه أعظم منافع المال ولأن الربا شائع في المطعومات، والمراد بالربا القدر الزائد لا الزيادة، وهي المرادة في قوله تعالى: * (وحرم الربا) * (البقرة: 571) كما بيناه في بابه بحر. قوله: (قيدوه بالشهرة) لان الانسان قلما ينجو من العقود الفاسدة وكل ذلك كالربا، فلو أطلق عدم القبول عن قيد الشهرة للزم الحرج. قال في البحر: وهو أولى مما قيل لان الربا ليس بحرام محض لأنه يفيد الملك بالقبض كسائر البياعات الفاسدة وإن كان غاصبا مع ذلك فكان ناقصا في كونه كبيرة، بخلاف أكل مال اليتيم ترد شهادته بمرة.
والأوجه ما قيل لأنه إن لم يشتهر به كان الواقع ليس إلا تهمة أكل الربا ولا تسقط العدالة به، ولا يصح قوله إنه ليس بحرام محض بعد الاتفاق على أنه كبيرة، والملك بالقبض شئ آخر وهذا أقرب ومرجعه إلى ما ذكر في وجه تقييد شرب الخمر بالادمان. وأما أكل مال اليتيم فلم يقيد أحد، وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي فلا فرق بين الربا ومال اليتيم.
والحاصل: أن الفسق في نفس الامر مانع شرعا، غير أن القاضي لا يرتب ذلك إلا بعد ظهوره له فالكل سواء في ذلك. وأما الكل مال اليتيم فلم يقيده أحد، ونصوا أنه بمرة، وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي لان الكلام فيما يرد به القاضي الشهادة فكان بمرة يظهر لأنه يحاسب فيعلم أنه انتقص من المال. فتح مع زيادة. قوله: (ولا يخفى أن الفسق) أي ولو بأكل مال اليتيم. قوله:
(يمنعها) أي الشهادة. قوله: (لا يثبت ذلك) أي الفسق المانع. قوله: (إلا بعد ظهوره له) انظر هل يكفي في الظهور له إخبار الشاهدين له؟ والمراد بالشهرة حينئذ أن يشتهر عندهما حاله. قوله: (فالكل) أي كل المفسقات لا خصوص الربا. سائحاني. قوله: (سواء) خلافا لمن فرق فقال: يأكل مال اليتيم مرة ترد، ويشترط الشهرة في الربا وقد علمت ما عليه المعول فلا تغفل. قوله: (بحر) وأصل العبارة للكمال في الفتح كما قدمناها مع زيادة. قوله: (فليحفظ) أي هذا التوفيق.
أقول: لكن نظر فيه السائحاني بقوله: والصواب ما قالوه من أن الربا يفيد الملك بالقبض والملك مبيح للاكل فكان ناقصا في كونه كبيرة اه‍. والأولى أن يقولوا: فكان ناقصا في إسقاط العدالة، وإلا هو كبيرة كما لا يخفى كما قدمناه قريبا، وأما أكل مال اليتيم فبمرة تسقط عدالته: يعني لعدم الشبهة.
قوله: (أو يبول أو يأكل على الطريق) أي في الطريق على حد: * (ودخل المدينة على حين غفلة) * (القصص: 51) ولا بد أن يكون بمرأى من الناس، وإنما منعا لدلالتهما على ترك المروءة، وإذا كان الشاهد لا يستحي من مثل ذلك لا يمتنع من الكذب فيتهم، وانظر حكم ما لا يعد أكلا عرفا كتعاطي شرب ومص قصب ونحوه ط.
أقول: الذي يظهر أن هذا مسقط لعدالة أهل الوجاهة من أشراف الناس وعلمائهم، ويدل عليه ما قاله في الأشباه في وصية الامام لأبي يوسف رحمه الله تعالى: ولا تشرب من السقاء والسقائين،
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813