تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٦٨
قال في الفتاوى الصغرى: ولا تسقط عدالة شارب الخمر بنفس الشرب، لان هذا الحد لم يثبت بنص قاطع إلا إذا داوم على ذلك اه‍. وهو غلط من ابن الكمال لما قدمناه عن المشايخ من التصريح بأن شربها كبيرة، ولمخالفتها للحديث المشهور في الكبائر أنها سبع، وذكر منها شرب الخمر اه‍. بل إنما شرط الادمان عليها للاشتهار لا لأنها صغيرة، لان الشهادة لا ترد إلا بالادمان وظهوره بالاشتهار.
وأما مجرد الشرب مع قطع النظر عن سقوط الشهادة فقد علمت أنه كبيرة ولو بقطرة، فلو تغفل.
قال السائحاني: أقول: نسبة الغلط إلى هذا الهمام في الفرق بين شرط الادمان للخمر وغيره من الأشربة غير مسلمة لما صرح قاضيخان في فتاواه. وعبارته: ولا تقبل شهادة مدمن الخمر ولا مدمن السكر لأنها كبيرة، وإنما شرط الادمان ليظهر ذلك عند الناس، فإن من اتهم بشرب الخمر في بيته لا تبطل عدالته وإن كانت كبيرة، وإنما تبطل إذا ظهر ذلك أو يخرج سكران يسخر منه الصبيان، لان مثله لا يحترز عن الكذب. وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن شرب الخمر يبطل العدالة. وقال محمد رحمه الله تعالى: ما لم يظهر ذلك يكون مستور الحال اه‍. وفي المقدسي: ومحمد شرط الادمان وهو الصحيح.
نعم إذا حمل الغلط على قول ابن الكمال إن شرب الخمر ليس بكبيرة يظهر لما قدمناه قريبا من أن شرب قطرة منه كبيرة. وفي البدائع: شرب الخمر أحيانا للتقوي لا للتلهي يكون عدلا، وعامة المشايخ لا يكون عدلا لان شرب الخمر كبيرة محضة اه‍. قوله: (قال وفي غير الخمر) قد علمت أنها يشترط فيها أيضا. قوله: (يشترط الادمان) قدمنا أنه اختلف في الادمان هل هو في الفعل أو النية على قولين محكيين فيه؟ وفي الاصرار، قال ابن كمال: إن الادمان بالعزم أمر خفي لا يصلح أن يكون مدارا لعدم قبول الشهادة، ومحصله أن ابن الكمال يميل إلى ترجيح اشتراط الادمان بالفعل لا بالنية، فراجعه.
قوله: (على اللهو) أي لأجل اللهو: أي وهو معروف، وأصله ترويح النفس بما لا تقتضيه الحكمة.
بحر عن المصباح، والمراد به أن لا يكون للتداوي فيدخل في اللهو الشرب للاعتياد.
قال في البحر: فأطلق اللهو على المشروب، وظاهره أنه لا بد من الادمان في حق الخمر أيضا.
قال في المنح: هو خلاف الظاهر من العبارة، لان الظاهر منها أن معنى مدمن الشرب: أي مداوم شرب الخمر على اللهو. قال الزيلعي: أي مداوم شرب الخمر لأجل اللهو لان شربها كبيرة. وقال منلا خسرو: ومدمن الشرب: أي شرب الأشربة المحرمة، فإن إدمان شرب غيرها لا يسقط الشهادة ما لم يكن على اللهو اه‍. فأفاد كلامه أن الشرب على اللهو إنما هو شرط في غير الأشربة المحرمة، أما فيها فلا يشترط، وهذا يوافق كلام صاحب البحر. والظاهر أن هذا هو الذي أحوجه إلى ذكره من حمل اللهو في كلام الكنز على المشروب، وهو مخالف لكلام الزيلعي، فإنه جعله شرطا في الخمر أيضا، وربما يناسبه كلام الشارح هنا، والظاهر خلافه لان شرب الخمر كبيرة ترد الشهادة بها سواء شربت على اللهو أم لا، وظاهر كلامهم أنه لابد من الادمان في حق الخمر أيضا. وأما إدمان شرب غير المحرم لا يسقط الشهادة ما لم يكن على اللهو، فجعل اللهو قيدا للشرب وحمله على شرب غير المحرمة هو الذي يظهر كما يظهر لي من كلامهم، والله تعالى الموفق. قوله: (لشبهة الاختلاف) قال في البحر: في قوله على اللهو إشارة إلى أنه لو شربها للتداوي لم تسقط عدالته لان للاجتهاد فيه مساغا اه‍. قال ط: والأصح الحرمة. نعم لو شرب لغصة شئ في حلقه ونحوه مما ينفسه لا محالة كان مباحا. قهستاني.
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813