تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٩٠
قلت: نعم، لكن ذلك للطعن في عدالتهم لا لثبوت أمر يسقطهم عن حيز القبول، ولذا لو عدلوا بعد هذا تقبل شهادتهم، ولو كانت الشهادة على فسقهم مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل ا ه‍. وهذا معنى كلام القهستاني. وكذلك صدر الشريعة ومنلا خسرو يرجع إلى ما ذكره ابن الكمال كما يأتي توضيحه قريبا.
والحاصل: أن البينة القاضية على الجرح المجرد غير مقبولة إلا أنها تورث شبهة فلذلك لا يكون للقاضي أن يقضي ما لم تزك الشهود، وأن الذي ذكره في البحر عن الكافي لا ينافيه ما بعده، فإن الرد كان لسؤال القاضي عن الشهود لا لمجرد دعوى الخصم إذ هي غير مسموعة، وبالله تعالى التوفيق.
قوله: (ولو قبله قبلت) أي من حيث كونها طعنا في العدالة حتى يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها حتى يعدلوا، فإذا عدلوا بعد هذا الطعن تقبل شهادتهم، وليس المراد أن هذا الطعن أثبت أمرا فيهم يسقطهم عن حيز القبول ولو عدلوا، وهذا ما قاله ابن الكمال، وهو لا ينافي ما ذكره صاحب الدرر من قبولها قبل التعديل على الجرح المجرد، فإنه وإن قال بذلك يقول إنهم لو عدلوا بعده تقبل شهادتهم، فرجع الخلاف لفظيا.
والذي ذكره الواني مجيبا به عن ابن الكمال حاصله: أن مراده أن الشهادة بالفسق المجرد ليست شهادة حقيقية سواء كانت قبل التعديل أو بعده، بل هو إخبار محض بدليل قبول خبر الواحد: أي قبل التعديل، فإذا لم تكن شهادة لا يكون مما نحن فيه، لان الباب معقود لمن تقبل شهادته ومن لا تقبل إلا في الأعم، فقول ابن الكمال لا تعتبر: أي لا تعد شهادة ولو قبل التعديل ا ه‍. إذ لو عدت شهادة لما قبلت شهادة المطعون فيهم به إذا عدلوا، وأنت ترى أن هذا راجع إلى ما ذكرناه أولا اه‍. ط.
أقول: وأنت إذا حققت النظر يظهر لك عدم المخالفة بين كلامهم جميعا كما تقدم، فكلام السراج محتمل لقبولها على المجرد قبل التعديل. نعم ظاهره عدم القبول، والمراد به أنها لا تثبت أمرا يسقطهم عن حيز القبول، أما ثبوت الطعن بها وعدم الحكم بشهادة المجروحين ما لم يعدلوا فلا كلام فيه، وهذا ما قاله صدر الشريعة في شرح الوقاية، وهو ما حققه منلا خسرو أيضا من أنها أفادت الدفع: أي عدم العمل بتلك قبل التعديل ولذا استوضح عليه بقبول خبر الواحد.
وحاصله: تسليم إفادتها مجرد الطعن لا إثبات فسق الشاهدين الرافع لقبول ما لم تمض مدة يظهر فيها حسن حالهما ويعدلوا بعدها، وهذا أيضا معنى قول القهستاني: لا يلتفت إلى هذه الشهادة: أي لا يثبت بها فسقهم فتدبره. قوله: (وذكر وجهه) أي منلا خسرو في الدرر حيث قاله جوابا عن سؤال حاصله: لماذا قبل خبر الواحد قبل التعديل وإن كان بمجرد ولم يقبل بعد التعديل إلا نصاب شهادة ولا بد أن يكون غير مجرد ما نصه:
أقول: تحقيقه أن جرح الشاهد قبل التعديل دفع للشهادة قبل ثبوتها وهي من باب الديانات، ولذا قبل فيه خبر الواحد، وبعد التعديل رفع الشهادة بعد ثبوتها حتى وجب على القاضي العمل بها إذا لم يوجد الجرح المعتبر. ومن القواعد المقررة أن الدفع أسهل من الرفع، وهو السر في كون الجرح
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813