تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٧٣
الشعر مع التصفيق بالكف كما قيده في البناية باللهو، وعبارة الزيادات تفيد التقييد بالشهرة، بأن يكون للناس، فافهم وتأمل. قوله: (فتأمل) والوجه أن اسم مغنية ومغن إنما هو في العرف لمن كان الغناء حرفته التي يكتسب بها المال وهو حرام، ونصوا على أن المغني للهو أو لجمع المال حرام بلا خلاف، وحينئذ فكأنه قال: لا تقبل شهادة من اتخذ التغني صناعة يأكل بها. وتمامه في الفتح وسيأتي قريبا.
قوله: (وأما المغني لنفسه لدفع وحشيته) من غير أن يسمع غيره فلا بأس به ولا تسقط عدالته في الصحيح، كذا في التبيين. وهو خلاف قول شيخ الاسلام كما علمت مما تقدم. وسئل ابن شجاع عن الذي يترنم في نفسه؟ قال: لا يقدح في عدالته. وفي البحر عن الفتح: التغني المحرم هو ما كان في اللفظ ما لا يحل كصفة الذكر والمرأة والمعينة الحية ووصف الخمر المهيج إليها، إلى أن قال: وأما القراءة بالألحان فأباحها قوم وحظرها قوم، والمختار إن كانت الألحان لا تخرج الحروف عن نظمها وقدوراتها فمباح وإلا فغير مباح، كذا ذكر، وقدمنا في باب الاذان ما يفيد أن التلحين لا يكون إلا مع تغيير مقتضيات الحروف فلا معنى لهذا التفصيل اه‍. قوله: (في العرس) والوليمة والأعياد. ومنهم من جوزه ليستفيد نظم القوافي إلى آخر ما قدمنا قريبا. قوله: (والمذهب حرمته مطلقا) هكذا حرر صاحب البحر مستدلا لما في الزيادات: إذا أوصى بما هو معصية عندنا وعند أهل الكتاب، وذكر منها الوصية للمغنين والمغنيات.
أقول، هذا على إطلاقه لان كلامنا في أنه متى يكون معصية على أن من أباحه مطلقا عمدة في المذهب وله دراية في كلام الزيادات، على أن تصحيح العيني وإطباق المتون هو المذهب كما لا يخفى.
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: إن أراد أنه حرام مطلقا فهو مخالف لما حمله علي في البناية والعناية، فإنهما استدلا بعبارة الزيادات على أنه معصية لقصد اللهو فلم يجرياه على عمومه، فهو موافق لما قاله الامام السرخسي: فكان محتملا لكل من القولين. نعم ظاهره الاطلاق. وقد يقال: لفظة المغنين ظاهرة في أن المراد من اتخذه حرفة وعادة، ثم رأيت في الفتح قال: إن اسم مغنية ومغن إنما هو في العرف لما كان الغناء حرفته التي يكتسب بها المال، ألا ترى أنه إذا قيل ما حرفة فلان أو ما صناعته، يقال مغن كما يقال خياط وحداد إلى آخر كلامه.
وفي إيضاح الاصلاح: إنما قال يغني للناس: أي يسمعهم، لأنه لو كان لاسماع نفسه حتى يزيل الوحشة عن نفسه من غير أن يسمع غيره لا بأس به، ولا يسقط عدالته في الصحيح اه‍. وهكذا قال في شرح العيني، وإن أنشد شعرا فيه وعظ وحكمة فهو جائز بالاتفاق الخ ونحوه ما مر عن الفتح من قوله: المحرم هو ما كان الخ فتدبر اه‍.
أقول: وأنت خبير بأن ما ذكره من النصوص لا يؤيد الاطلاق. وعبارة الزيادات تفيد التقييد بالشهرة، وإنما يكون بها إذا كان للناس، وقد تبع الشارح المصنف في ذكر الاطلاق في منحه، والصحيح التفصيل كما علمت عن الهندية.
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813