مطرب مصد عن ذكر الله. والنوع الثاني مباح، وهو الدف في النكاح، وفي معناه ما كان من حادث سرور، ويكره في غيره لما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه لما سمع صوت الدف (1) بعث فنظر:
فإنه كان في وليمة سكت، وإن كان في غيره عمده بالدرة، وهو مكروه للرجال على كل حال للتشبه بالنساء اه. ونقله في فتح القدير ولم يتعقبه. قال في السراجية: هذا إذا لم يكن للدف جلاجل ولم يضرب على هيئة التطرب اه. قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: وينبغي أن يكون طبل المسحر في رمضان لايقاظ النائمين للسحور كبوق الحمام يجوز. تأمل. والشبابة، سميت به لما فيها من الشباب بالكسر: وهو النشاط ورفع اليدين. قوله: (إلا إذا فحش بأن يرقصوا به خانية) وعبارتها: وإن لعب بشئ من الملاهي ولم يشغله عن الفرائض لا تبطل عدالته، وملاعبته الأهل والفرس لا تبطل العدالة ما لم يشغله ذلك عن الفرائض، فإن لم يشغله لكنه شنيع بين الناس كالمزامير والطنابير فكذلك، وإن لم يكن شنيعا كالحداء وضرب القضيب فلا، إلا إذا فحش بأن يرقصوا عند ذلك. مقدسي. قوله: (ومن يغني للناس) رد الشهادة لاعلان الفسق لا للفسق. قهستاني. وفي ضياء الحلوم: الغناء على وزن فعال: صوت المغني. والغنى: كثرة المال، فالأول ممدود والثاني مقصور اه ط. قوله: (لأنه يجمعهم على كبيرة) قال في البحر: وظاهره أن الغناء كبيرة وإن لم يكن للناس بل لاسماع نفسه دفعا للوحشة، وهو قول شيخ الاسلام خواهر زاده، فإنه قال بعموم المنع، والامام السرخسي إنما منع ما كان على سبيل اللهو. ومنهم من جوزه للناس في عرس أو وليمة. ومنهم من جوزه لاسماع نفسه دفعا للوحشة، ومنهم من جوزه ليستفيد به نظم القوافي وفصاحة اللسان اه. وتمامه فيه وقدمنا بعضه.
أقول: ويمكن حمل كونه كبيرة على ما قاله السرخسي، بأن يكون كبيرة بسبب الاجتماع عليه، ويؤيده كلام النسفي في الكافي، وهو المتبادر من لفظ يغني للناس وعلى ذلك حمله في العناية، ويؤيده ما يأتي عن ابن الكمال والعيني، من أنه لو كان لنفسه ليزيل الوحشة عنها لا تسقط عدالته في الصحيح، فهذا التصحيح موافق لهذا المتن كغيره من المتون فكان عليه المعول فلا تغفل.
قال العيني في شرحه على البخاري: أما الغناء فلا خلاف في تحريمه لأنه من اللهو واللعب المذموم بالاتفاق، أما ما يسلم من المحرمات فيجوز القليل منه في الأعراس والأعياد وشبههما.
وسئل أبو يوسف عن الدف أتكرهه في غير العرس لمثل المرأة في منزلها والصبي؟ قال: لا أكرهه. وأما الذي يجئ منه اللعب الفاحش والغناء فإني أكرهه، إلى أن قال: أي العيني: وقال الملهب: الذي أنكره أبو بكر رضي الله عنه كثرة التنغيم وإخراج الانشاد عن وجهه إلى معنى التطريف بالألحان، ألا ترى أنه لم ينكر الانشاد وإنما أنكر مشابهته الزمر بما كان في الغناء الذي فيه اختلاف النغمات وطلب الاطراب فهو الذي يخشى منه، وقطع الذريعة فيه أحسن، وما كان دون ذلك من الانشاد ورفع الصوت حتى لا يخفى معنى البيت وما أراده الشاعر بشعره فغير منهي عنه. وقد روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رخص في غناء الاعراب وهو صوت كالحداء يسمى النصب إلا أنه رقيق اه ملخصا. قوله: (وكلام سعدي أفندي يفيد تقييده بالأجرة) وقيده القهستاني بأن يكون من