تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٢
سدس مالي لفلان ثم قال سدس مالي له له السدس وإن أوصى بثلث دراهمه أو غنمه
____________________
ماله) لأن الثلث متضمن للسدس فيدخل فيه فلا يتناول أكثر من الثلث.
قال رحمه الله: (وإن قال سدس مالي لفلان ثم قال سدس ما لي له له السدس) يعني سدسا واحدا سواء قال ذلك في مجلس واحد أو في مجلسين لأن السدس ذكر معرفا بالإضافة إلى المال والمعرف إذا أعيد معرفا كان الثاني عين الأول وهكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى * (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) * (الشرح: 5 و6) لن يغلب عسر يسرين وفي الهداية: ولو قال ثلث مالي لفلان وسدس مالي له وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه لأن الكلام الثاني يحتمل أنه أراد به زيادة الثلث على الأول حتى يتم له السدس، ويحتمل أنه أراد به إيجاب ثلث على السدس حتى يصير المجموع نصفا وعند الاحتمال لا يثبت له إلا القدر المتيقن فيجعل السدس داخلا في السدس حملا لكلامه على المتيقن، هذا هو المذكور في الشروح. قال بعض المتأخرين بعد ذكر الدليل على هذا المنوال:
هكذا قالوا وهذا كما ترى حمل الكلام على أحد محتمليه ولك أن تقول: لما كان الكلام محتملا للمعنيين وكان القدر الثابت به يتعين على الاحتمالين الثلث قلنا ما يثبت به من الوصية لأن المتيقن ثبوت الثلث بمجموع الاحتمالين لا بأولهما، إلى هنا كلامه. قال رحمه الله: (وإن أوصى بثلث دراهمه أو غنمه وهلك ثلثاه له ما بقي) أي إذا وصى بثلث دراهمه أو بثلث غنمه وهلك ثلثا ذلك وبقي ثلثه وهو يخرج من ثلث ما بقي من ماله فله جميع ما بقي من الدراهم والغنم. وقال زفر: له ثلث ما بقي من ذلك النوع لأن كل واحد منهما شركة بينهما والمال المشترك يهلك ما هلك منه على الشركة ويبقى الباقي كذلك فصار كما إذا أوصى به أجناسا مختلفة. ولنا أن حق بعضهم يمكن جمعه في البعض الباقي فصار كما إذا أوصى بدرهم أو بعشرة دراهم أو بعشرة رؤوس من الغنم فهلك ذلك الجنس كله إلا القدر المسمى فإنه يأخذه إذا كان يخرج من ثلث بقية ماله بخلاف الأجناس المختلفة فإنه لا يمكن الجمع فيها جبرا فكذا تقديما، والمال المشترك إنما يهلك الهالك منه على الشركة أو لو استوى الحقان، أما إذا كان أحدهما مقدما على الآخر فالهالك يصرف إلى المؤخر كما إذا كان في التركة ديون ووصايا وورثة ثم هلك بعض التركة فإن الهالك يصرف إلى المؤخر وهو الوصية والإرث لأن الدين مقدم عليهما، وهنا الوصية مقدمة على الإرث لقوله تعالى * (من بعد وصية يوصى بها أو دين) * (النساء: 12) فيصرف الهلاك إلى الإرث تقديما للوصية على وجه لا ينقص حق الورثة على الثلثين مع جميع التركة لأنه لا يسلم للموصى له شئ حتى يسلم للورثة ضعف ذلك.
وكذا إذا هلك البعض في المضاربة يصرف الهلاك للربح لأن رأس المال مقدم على ما عرف في موضعه الأصل في هذا الباب أن يحتاج إلى معرفة الوصية المقيدة والمطلقة والعين والدين كما سبكه المؤلف وأنواع الوصية بهما وأحكامها. قال أبو يوسف: العين الدراهم والدنانير
(٢٣٢)
مفاتيح البحث: الوصية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 222 224 228 231 232 234 235 236 239 241 ... » »»
الفهرست