تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢

____________________
عليه الصلاة والسلام لكل داء دواء إلا الهرم فإنه لا دواء له (1) وراه الترمذي وصححه.
ومن الناس من كره التداوي لما روي ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب وهم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون (2) رواه البخاري. ولنا ما قدمنا من الأحاديث. ولا جناح على من يتداوى إذا كان يعتقد أن الشافعي هو الله تعالى، وما ورد من النهي عن الدواء إذا كان يعتقد أن الشفاء من الدواء وهو محل الكراهة. قال الشارح ونحن نقول: لا يجوز لمثل هذا التداوي، ولا فرق بين الرجل المرأة. وإنما يجوز التداوي بالأشياء الطاهرة ولا يجوز بالنجس كالخمر وغيره كما قدمنا، والتداوي لا يمنع التوكل. ولا بأس بالرقيا لأنه عليه الصلاة والسلام كان يفعله، وما روي من النهي كان محمولا على رقي الجاهلية لأنهم كانوا يرقون بألفاظ كفر، وما رواه ابن مسعود أنه عليه الصلاة والسلام قال الرقي والتمائم والتؤدة شرك (3) محمول على ما ذكرنا.
قال الأصمعي: التؤدة ضرب من السحر يحبب المرأة إلى زوجها. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله تفث عليه بالمعوذتين، فلما مرض صلى الله عليه وسلم المرض الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمس جسده بيده لأنه أبرك من يدي. قال رحمه الله:
(ورزق القاضي) يعني وحل رزق القاضي من بيت المال لأنه بيت المال أعد لمصالح المسلمين ورزق القاضي منهم لأنه حبس نفسه لنفع المسلمين. وفرض النبي صلى الله عليه وسلم لعلي لما بعثه إلى اليمن، وكذا الخلفاء من بعده. هذا إذا كان بيت المال جمع من حل، فإن جمع من حرام وباطل لم يحل لأنه مال الغير يجب رده على أربابه. ثم إذا كان القاضي محتاجا فله أن يأخذ ليتوصل إلى إقامة حقوق المسلمين لأنه لو اشتغل بالكسب لما تفرغ لذلك، وإن كان غنيا فله أن يأخذ أيضا وهو الأصح لما ذكرنا من العلة ونظرا لمن يأتي بعده من المحتاجين، ولان رزق القاضي إذا قطع في زمان يقطع الولاة بعد ذلك لمن يتولى بعده. هذا إذا أعطوه من غير شرط، فلو أعطاه بالشرط كان معاقدة وإجارة لا يحل أخذه لأن القضاء طاعة فلا يجوز أخذ الأجر عليه كسائر الطاعات ا ه‍. ولك أن تقول: يجوز أخذ الأجرة عليه كما قالوا الفتوى على جواز أخذ أجرة على تعليم القرآن وغيره كما تقدم في كتاب الإجارة، ولا يقال هذا مكرر مع قول المؤلف وكفاية القضاة في باب الجزية لأنا نقول: ذلك باعتبار ما يجوز للامام دفعه وهذا باعتبار ما يجوز للقاضي تناوله فلا تكرار. قال الشارح: وتسميته رزقا يدل على أنه

(1) رواه الترمذي في كتاب الطب باب 2.
(2) رواه البخاري في كتاب الطب باب 17، 42. مسلم في كتاب الايمان حديث 371، 372. الترمذي في كتاب القيامة باب 16. أحمد في مسنده (1 / 401، 403، 454).
(3) رواه أبو داود في كتاب الطب باب 17. ابن ماجة في كتاب الطب باب 39. أحمد في مسنده (1 / 381).
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 377 379 380 381 382 383 384 385 386 388 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480