____________________
كتاب الذبائح قال جمهور الشراح: المناسبة بين المزارعة والذبائح كونها إتلافا في الحال للانتفاع في المآل، فإن المزارعة إتلاف الحب في الأرض للانتفاع بما ينبت منها، والذبح إتلاف الحيوان بإزهاق روحه للانتفاع به بعد ذلك. قيل هذا إنما يقتضي تعقيب المزارعة بالذبائح دون تعقيب المساقاة، وأجيب بأن المساقاة كالمزارعة في غالب الأحكام فكانت المناسبة المذكورة بين المزارعة والذبائح لدخول المساقاة في المزارعة ضمنا فاكتفي بذلك. ويحتاج إلى معرفة تفسير الذكاة لغة وشرعا وركنها وشرط جوازها وحكمها. أما تفسيرها لغة فهي إما مشتقة من الحدة يقال سراج ذكي إذا كان يراه في غاية الحدة، ويقال فلان ذكي إذا كان سريع الفهم والادراك لحدة خاطره وفهمه، ويقال مسك ذكي إذا كان طيب الرائحة يقوم منه الريح. وإما مشتقة من الطهارة قال عليه الصلاة والسلام دباغ الأديم ذكاة أي طهارته وقال ذكاة الأرض يبسها أي طهارتها وكلا المعنيين موجود في الذكاة فإن فيها حدة من حيث إنها مسرعة إلى الموت وتطهر الحيوان عن الدماء المسفوحات والرطوبات السائلة النجسة. وأما ركنها فهو القطع والجرح. وأما شرطها فأربعة: آلة قاطعة جارحة، والثاني كون الذبح ممن له ملة حقيقة كالمسلم أو ادعاء كالكافر، والثالث كون المحل من المحللات إما من كل وجه كمأكول اللحم أو من وجه كغيره وهو ما يباح الانتفاع بجلده وشعره، والرابع التسمية عندنا لما سيأتي. وأما حكمها فطهارة المذبوح وحل أكله إن كان من المأكولات، وطهارة عينه للانتفاع إذا كان لا يؤكل، كذا في المحيط. وأما شرعا فهو قوله والذبح إلى آخره. وترجم بالذبائح والظاهر أنه أراد بالذبائح الذبح الذي هو الذكاة والمؤلف أبقاه على ظاهره فلذا قال: (هي جمع ذبيحة وهي اسم لما يذبح) يعني الذبائح جمع ذبيحة والذبيحة اسم للشئ المذبوح ولا يخفى أن المناسب أن يترجم بالذبح لأنه فعل والمكلف إنما يبحث عن الافعال أولا بالذات لا عن