تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٨
حفر بئرا في موات فله حريمها أربعون ذرعا من كل جانب وحريم العين خمسمائة
____________________
بها ولا تؤخذ إلا بعد مضي ثلاث سنين، فإذا لم يعمرها أخذها منه ودفعها إلى غيرها لأنه إنما كان دفعها إليه ليعمرها فتحصل المنفعة للمسلمين بالعشر أو الخراج، فإذا لم يحصل المقصود فلا فائدة في تركها في يده نظير الاستباح وهو بناء السبيل وحفر المعدن في هذا الحكم. فإن قلت: إذا كان الدفع لأجل العشر أو الخراج فيقتضي هذا الدليل أن للامام أن يأخذها ويدفعها إلى غيره بعد الاحياء أيضا إذا كان لم يزرعها تحصيلا لمنفعة المسلمين بالعشر أو الخراج قلنا: قد ملكها بالاحياء دون التحجر والامام لا يملك أن يدفع مملوك أحد إلى غيره لانتفاع المسلمين ويقدر أن يدفع غير المملوك إليه لذلك فافترقا. وفي المحيط: إذا حفر فيها بئرا أو ساق إلها ماء فقد أحياها زرع أو لم يزرع، ولو حفر فيها أنهارا لم يكن إحياء إلا أن يجري فيها، ولو حفر فيها ولم يبلغ الماء لم يكن إحياء ويكون تحجيرا ا ه‍. وقناة بين رجلين أحيا أحدهما أرضا ميتة ليس له أن يسقيها من القناة أو يجعل شربه منها لأن هذه الأرض ليس فيها حق في هذا الشرب فليس له ذلك بغير إذن شريكه، فإذا حفر رجلان بنفقتهما بئرا في الأرض موات على أن يكون البئر لأحدهما والحريم للآخر لم يجز للاصطلاح على غير موجب الشرع فإن الشرع جعل الحريم تبعا للبئر ليتمكن صاحب البئر من الانتفاع وكان الحريم لمالك البئر، فإن كان البئر لواحد فالحريم له، وإن كان البئر بينهما فالحريم بينهما ولو شرطا على أن يكون البئر لواحد والحريم له. وإن كان البئر بينهما على أن ينفق أحدهما أكثر ولا يرجع به فالشرط باطل ويرجع بالزائد لأن الشركة تقتضي المساواة في الأصل والنفقة. وفي الغياثية:
لو أقطع الامام رجلا أرضا فتركها ثلاث سنين لا يعمر فيها بطل الانتفاع ا ه‍.
قال رحمه الله: (ولا يجوز إحياء ما قرب من العامر) لتحقق حاجتهم إليه تحقيقا عند محمد، وتقديرا عند أبي يوسف على ما تقدم فصار كالنهر والطريق ولهذا قالوا: لا يملك الامام أن يقطع ما لا غني للمسلمين عنه كالملح والآبار يستسقي منها الناس ا ه‍. قال رحمه الله: (ومن حفر بئرا في موات فله حريمها أربعون ذرعا من كل جانب) لقوله صلى الله عليه وسلم من حفر بئرا فله ما حولها أربعون ذراعا عطنا لماشيته (1). ولان حافر البئر لا يتمكن من الانتفاع بالبئر إلا بما حولها. ولو غرس شجرا في أرض الموات هل يستحق لها حريم؟ لم يذكر محمد في الأصل. وقال مشايخنا: لها حريم بقدر خمسة أذرع حتى لم يكن لغيره أن يغرس فيها شجرة وللأول منعه. وقدر الشارع حريم البئر بأربعين ذراعا ثم قيل الأربعون من الجوانب الأربعة من كل جانب عشرة أذرع لأن ظاهر اللفظ بجميع الجوانب الأربعة، والصحيح أن المراد أربعون ذراعا من كل أذرع من كل جانب فيتقدر بأربعين كيلا يتعطل

(1) رواه ابن ماجة في كتاب الرهون باب 22. البخاري في كتاب المساقاة باب 3.
(٣٨٨)
مفاتيح البحث: إبن ماجة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480