إن مات التغلبي أملا تؤخذ منه جرية أهل نجران، وإن مات النجراني أولا تؤخذ منه جزية بني تغلب، وإن ماتا معا يؤخذ النصف من هذا والنصف من ذاك اه. واقتصر في الخانية على ما في السير. والتغلبي بالتاء المثناة الفوقية والغين المعجمة. وفي كتاب الخراج لأبي يوسف أن عمر رضي الله عنه حين صالحهم شرط عليهم أن لا يغمسوا أحدا من أولادهم في النصرانية قوله: (ومولاه كمولى القرشي) أي ومعتق التغلبي ومعتق القرشي واحد في عدم التبعية للأصل فيوضع الخراج والجزية على معتقهما لأن الصدقة المضاعفة تخفيف والمعتق لا يلحق بالأصل فيه ألا ترى أن الاسلام أعلى أسباب التخفيف ولا تبعية فيه. قيد بهما لأن مولى الهاشمي كالهاشمي في حرمة الصدقة عليه لأنه ليس تخفيفا بل تحريم والحرمات تثبت بالشبهات فالحق مولى الهاشمي به. وبه بطل قياس زفر مولى التغلبي على مولى الهاشمي لكن نقض بمولى الغني تحرم الصدقة عليه ولم تنفذ إلى مولاه الفقير، ودفع بأن الغني أهل للصدقة في الجملة وإنما الغني مانع عن الاسقاط عن المعطي ولم يتحقق المانع في حق مولاه فخص السيد، أما الهاشمي فليس أهلا لهذه الصدقة أصلا لشرفه ولذا لا يعطى لو كان عاملا بخلاف الغني فألحق مولاه به لأن التكريم أن لا تنسب إليه الأوساخ بنسبة. وأما قوله عليه السلام مولى القوم منهم فإنما هو في حكم خاص وهو عدم دفع الزكاة إليه بدليل الاجماع على أن مولى الهاشمي لا ينزل منزلته في الكفاءة للهاشمية والإمامة.
قوله: (والجزية والخراج ومال التغلبي وهدية أهل الحرب وما أخذنا منهم بلا قتال يصرف في مصالحنا كسد الثغور وبناء القناطر والجسور وكفاية القضاة والعلماء والعمال والمقاتلة وذراريهم) لأنه مال بيت المال فإنه وصل للمسلمين بغير قتال وهو معد لمصالح المسلمين وهؤلاء عملتهم ونفقة الذراري على الآباء فلو لم يعطوا كفايتهم لاحتاجوا إلى الاكتساب. وفائدة ذلك أنه لا يخمس ولا يقسم بين الغانمين، كذا في الجوهرة وفيها معزيا إلى الذخيرة: إنما يقبل الإمام هدية أهل الحرب إذا غلب على ظنه أن المشرك وقع عنده أن المسلمين يقاتلون لاعلاء كلمة الله وإعزاز الدين لا لطلب الدنيا، أما من كان من المشركين يغلب على الظن أنه يظن أن المسلمين يقاتلون طمعا لا يقبل هديته وإنما يقبل من شخص لا يطمع في إيمانه لو ردت هديته، أما من طمع في إيمانه إذا ردت هديته لا يقبل منه اه. ثم اعلم أن ظاهر المتون أن الذراري يعطون بعد موت آبائهم كما يعطون في حياتهم، وتعليل المشايخ يدل على أنه مخصوص بحياة آبائهم ولم أر نقلا صريحا في الاعطاء بعد موت آبائهم