البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٠٢
المجنون ولا الصبي الذي لا يعقل، وأما من جنونه متقطع فإن ارتد حال الجنون لم يصح، وإن ارتد حال إفاقته صحت، وكذا لا تصح ردة السكران الذاهب العقل. والبلوغ ليس بشرط لصحتها من الصبي عندهما خلافا لأبي يوسف، وكذا المذكورة ليست شرطا ومنها الطوع فلا تصح ردة المكره عليها اه‍. والايمان التصديق بجميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى مما علم مجيئه به ضرورة. وهل هو فقط أو هو مع الاقرار؟ قولان فأكثر الحنفية على الثاني والمحققون على الأول. والاقرار شرط إجراء أحكام الدنيا بعد الاتفاق على أنه يعتقد متى طولب به أتى به، فإن طولب به فلم يقر فهو كفر عناد. والكفر لغة الستر وشرعا تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم في شئ مما يثبت عنه ادعاؤه ضرورة. وفي المسايرة: ولاعتبار التعظيم المنافي للاستخفاف كفر الحنفية بألفاظ كثيرة وأفعال تصدر من المتهتكين لدلالتها على الاستخفاف بالدين كالصلاة بلا وضوء عمدا بل بالمواظبة على ترك سنة استخفافا بها بسبب أنه إنما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وزيادة أو استقباحها كمن استقبح من آخر جعل بعض العمامة تحت حلقه أو إحفاء شاربه اه‍. وفي فتح القدير: ومن هزل بلفظ كفر ارتد وإن لم يعتقده للاستخفاف فهو ككفر العناد والألفاظ التي يكفر بها تعرف في الفتاوى اه‍. فهذا وما قبله صريح في أن ألفاظ التكفير المعروفة في الفتاوى موجبة للردة عن الاسلام حقيقة. وفي البزازية: ويحكى عن بعض من لا سلف له أنه كان يقول ما ذكر في الفتاوى أنه يكفر بكذا وكذا فذاك للتخويف والتهويل لا لحقيقة الكفر وهذا كلام باطل إلى آخره. والحق أن ما صح عن المجتهد فهو على حقيقته، وأما ما ثبت عن غيره فلا يفتي به في مثل التكفير ولذا قال في فتح القدير من باب البغاة: إن الذي صح عن المجتهدين في الخوارج عدم تكفيرهم ويقع في كلام أهل المذهب تكفير كثير لكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم ولا عبرة بغير الفقهاء اه‍.
فيكفر إذا وصف الله تعالى بما لا يليق به أو سخر باسم من أسمائه أو بأمر من أوامره أو أنكر وعده أو وعيده أو جعل له شريكا أو ولدا أو زوجة أو نسبه إلى الجهل أو العجز أو النقص. واختلفوا في قوله فلان في عيني كاليهودي في عين الله فكفره الجمهور، وقيل لا إن عنى به استقباح فعله، وقيل يكفر إن عنى الجارحة القدرة، والأصح مذهب المتقدمين في المتشابه كاليد، واختلفوا في جواز أن يقال بين يدي الله. ويكفر بقوله يجوز أن يفعل الله فعلا لا حكمة فيه وبإثبات المكان لله تعالى فإن قال الله في السماء فإن قصد حكاية ما جاء في
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست