البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٩٧
الحرب. ولما في المحيط أن أهل الذمة إذا انتقض عهدهم ثم عادوا إلى الذمة أخذوا بحقوق كانت قبل النقض من القصاص والمال لأنه حق التزمه بعقد الذمة فلا يسقط بصيرورته حربا علينا ولم يؤخذوا بما أصابوا في المحاربة، وكذلك المرتدون لأنهم بنقض العهد والردة التحقوا بسائر أهل الحرب، وما أصاب أهل الحرب من دمائنا وأموالنا لا يؤاخذون بذلك متى أسلموا كذا هذا اه‍. ولما في فتح القدير أنه كالمرتد في الحكم بموته باللحاق وإذا تاب تقبل توبته وتعود ذمته، ولا يبطل أمان ذريته بنقض عهده وتبين منه زوجته الذمية التي خلفها في دار الاسلام إجماعا ويقسم ماله بين ورثته اه‍. والحاصل أنه إذا أخذ أسيرا بعد الظهور فقد استرق ولا يتصور منه جزية كما صرح به في فتح القدير آخرا، وإذا جاء من نفسه تائبا عادت ذمته كما أفاده أولا. وفي فتح القدير أيضا: فإن عاد بعد الحكم باللحاق ففي رواية يكون فيأ وفي رواية لا اه‍. ويحمل على ما إذا لم يعد تائبا فقد علمت أن التشبيه في سبعة أشياء كما لا يخفي.
قوله: (ويؤخذ من تغلبي وتغلبية ضعف زكاتنا) أي المسلمين وتغلب بن وائل من العرب من ربيعة تنصروا في الجاهلية فلما جاء الاسلام ثم زمن عمر رضي الله عنه دعاهم عمر إلى الجزية فأبوا وأنفوا وقالوا نحن عرب خدمنا كما يأخذ بعضكم من بعض الصدقة فقال: لا آخذ من مشرك صدقة فلحق بعضهم بالروم فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس شديد وهم عرب يأنفون من الحزبة فلا تعن عليك عدوا بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر رضي الله عنه في طلبهم وضعف عليهم فأجمعت الصحابة رضي الله عنهم على ذلك ثم الفقهاء، ففي كل أربعين شاة شاتان ولا زيادة حتى تبلغ مائة وعشرين ففيها أربع شياه، وعلى هذا في البقر والإبل، كذا في فتح القدير. أفاد بتسويته بين الذكر والأنثى إلى أن المأخوذ وإن كان جزية في المعنى فهو واجب بشرائط الزكاة وأسبابها إذ الصلح وقع على ذلك فلا يراعي فيه شرائط الجزية من وصف الصغار فتقبل من النائب ويعطى جالسا إن شاء ولا يؤخذ بتلبيبه ولا يهز والمصرف مصالح المسلمين لأنه مال بيت المال وذلك لا يخص الجزية. وخرج الصبي والمجنون لا يؤخذ من مواشيهم وأموالهم لعدم وجوب الزكاة عليهم عندنا بخلاف أرضهم فيؤخذ خراجها لأنها وظيفة الأرض وليست عبادة. وفي التتارخانية معزيا إلى الحجة: لو حدث ولد ذكر بين نجراني وبين تغلبي من جارية بينهما وادعياه جميعا معا فمات الأبوان وكبر الولد لم تؤخذ منه الجزية. وذكر في السير
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست