البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٠٩
وبعزمه على أن يأمر بالكفر، وبقوله لمن ينازعه افعل كل يوم عشرة أمثالك من الطين أو لم يقل من الطين قاصدا من حيث الخلقة لا من حيث بيان صنعته، ولا بقوله قد خلقت هذه الشجرة لأنه يراد به عادة الفرس حتى لو عنى به حقيقة الخلق يكفر، ولا بقوله لغيره ينبغي لك أن تسجد لي سجدة لأن المراد منه الشكر والمنة، ويكفر بقوله أي شئ أصنع إذا لزمني الكفر جوابا لمن قال له أي شئ تصنع قد لزمك الكفر. وبإبداله حرفا أو آية من القرآن عمدا، وباعتقاد أن الخراج ملك السلطان لا بقوله أنا فرعون أو إبليس إلا إذا قال اعتقادي كاعتقاد فرعون، ومن حسن كلام أهل الأهواء وقال معنوي أو كلام له معنى صحيح إن كان ذلك كفرا من القائل كفر المحسن، وكذا من حسن رسوم الكفرة. واختلفوا في تكفير من قال إن إبراهيم بن أدهم رأوه بالبصرة يوم التروية وفي ذلك اليوم بمكة. ومسألة ثبوت النسب بين المشرقي وبين المغربية تؤيد القائل بعدمه ويخاف الكفر على من قال بحياتي وحياتك. وأجمعوا على أن من شك في إيمانه فهو كافر وهو أن يكون مصدقا لكن يشك أن هذا التصديق إيمان أو كفر، واختلفوا في أنا مؤمن إن شاء الله. هذا كله حاصل ما في التتارخانية من الفصول من باب ألفاظ التكفير سوى الفارسي.
وفي الخلاصة: يكفر بقوله أنا برئ من الثواب والعقاب، وبقوله لو عاقبني الله مع ما بي من المرض ومشقة الولد فقد ظلمني، وبشد المرأة حبلا في وسطها وقالت هذا زنار ومن أبغض عاملا من غير سبب ظاهر خيف عليه الكفر، ولو صغر الفقيه أو العلوي قاصدا الاستخفاف بالدين كفر لا إن لم يقصده، والسجود للجبابرة كفر إن أراد به العبادة لا إن أراد به التحية على قول الأكثر. وفي البزارية قال علماؤنا: من قال أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر، ومن قال بخلق القرآن فهو كافر، ومن قال إن الايمان مخلوق فهو كافر، كذا في كثير من الفتاوى وهو محمول على أنه بمعنى هداية الرب، وأما فعل العبد فهو مخلوق. وإذا أخذ أحد المكس مقاطعة فقالوا له مبارك كفروا. ووقعت بسراي الجديدة واقعة وهي أن واحدا قاطع على مال معلوم احتسابا بها أعني الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فضربوا على بابه طبولات وبوقات ونادوا مبارك باد لمقاطعته الاحتساب وكان إمام الجامع فامتنعنا من الصلاة خلفه حتى عرض على نفسه الاسلام أخذا من هذه المسألة قال لرجل يا أحمر قال خلقني الله من سويق التفاح وخلقك من طين كفر. قال واحد من الفسقة لو وضعت هذه الخمرة بين يدي جبريل عليه السلام لرفعها على جناحه يكفر، ولا يكفر بقوله يا حاضر يا ناظر ولا بقوله درويش درويشان والقول بالكفر بكل منهما باطل. وفي جامع الفصولين روى الطحاوي عن أصحابنا: لا يخرج الرجل من الايمان إلا جحود ما أدخله فيه، ثم ما تيقن أنه
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست