وفي مآل الفتاوى لكل قارئ في كل سنة مائتا دينار أو ألفا درهم إن أخذها في الدنيا وإلا يأخذها في الآخرة اه. والمراد بالقارئ المفتي لما في الحاوي القدسي: ولم يقدر في ظاهر الرواية قدر الأرزاق والأعطية سوى قوله ما يكفيهم وذراريهم وسلاحهم وأهاليهم. وما ذكر في الحديث لحافظ القرآن وهو المفتي اليوم مائتا دينار وعن عمر رضي الله عنه أنه زاد فيه دليل على قدر الكفاية اه. وفي القنية من كتاب الوقف: كان أبو بكر رضي الله عنه يسوي في العطاء من بيت المال، وكان عمر رضي الله عنه يعطيهم على قدر الحاجة والفقه والفضل والاخذ بما فعله عمر رضي الله عنه في زماننا أحسن فتعتبر الأمور الثلاثة اه. وفي موضع آخر منها: له حظ في بيت المال ظفر بما هو وجه لبيت المال فله أن يأخذه ديانة وللإمام الخيار في المنع والاعطاء في الحكم اه. وفي الظهيرية: السلطان إذا جعل خراج الأرض لصاحب الأرض وتركه له جاز في قول أبي يوسف خلافا لمحمد، والفتوى على قول أبي يوسف إذا كان صاحب الأرض من أهل الخراج، وعلى هذا التسويغ للقضاة والفقهاء. ولو جعل العشر لصاحب الأرض لم يجز في قولهم. وفي الحاوي القدسي ما يخالفه فإنه قال:
وإذا ترك الإمام خراج أرض رجل أو كرمه أو بستانه ولم يكن أهلا لصرف الخراج إليه عند أبي يوسف يحل له وعليه الفتوى، وعند محمد لا يحل له وعليه رده، وهذا يدل على أن الجاهل إذا أخذ من الجوالي شئ يجب عليه رده لقول محمد رحمه الله لا يحل وعليه أن يرده إلى بيت المال أو إلى من هو أهل لذلك كالمفتي والقاضي والجندي وإن لم يفعل أثم اه. ومن هنا يعلم حكم الاقطاعات من أراضي بيت المال فإن حاصلها أن الرقبة لبيت المال والخراج لمن أقطع له فلا ملك للمقطع فلا يصح بيعه ووقفه وإخراجه عن الملك وقد صرح به العلامة قاسم في فتاواه وأن له الإجارة تخريجا على إجارة المستأجر، وإجارة العبد الذي صولح على خدمته مدة معلومة، وإجارة الموقوف عليه الغلة، وإجارة العبد المأذون وإن لم يملكوا الرقبة لملك المنفعة وصرح بأنه إذا مات الجندي أو أخرج السلطان الاقطاع عنه تنفسخ الإجارة اه.
ثم اعلم أن أموال بيت المال أربعة: أحدها ما ذكرناه. الثاني الزكاة والعشر ومصرفهما ما بين في باب المصرف من الزكاة. الثالث خمس الغنائم وقد تقدم مصرفه في كتاب السير. والرابع اللقطات والتركات التي لا وارث لها وديات مقتول لا ولي له ولم يذكره المصنف. قالوا:
مصرفه اللقيط الفقير والفقراء الذين لا أولياء لهم يعطون منه نفقتهم وأدويتهم ويكفن به موتاهم ويعقل به جنايتهم، وعلى الإمام أن يجعل لكل نوع من هذه الأنواع بيتا يخصه فلا يخلط بعضه ببعض لأن لكل نوع حكما يختص به، فإن لم يكن في بعضها شئ فللإمام أن