البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٦٠
الفتوى وإن ذكر خلافه في بعض المواضع، كذا في فتح القدير. ولو قال لا أبلغك شيئا فكتب إليه حنث، ولو قال لا أذكرك شيئا فهو على المواجهة ولا يحنث بالكتابة، ولو قال لا أظهر سرك ولا أفشي أبدا فإن صرح إلى رجل واحد وذكره فقد أفشى سره، وكذلك يحنث بالكتابة والرسالة إلى إنسان، كذا في المحيط. وفي الواقعات: حلف أن لا يكذب فسأله إنسان عن أمر فحرك رأسه بالكذب لا يحنث ما لم يتكلم لأن الكذب تكلم بكلام هو كذب.
ابن بين زيد وعمر وحلف رجل لا يكلم ابن زيد وحلف الآخر لا يكلم ابن عمر وفكلما هذا الابن حنثا لأن كل واحد كلم ابن من سمى: إن كلمت امرأة فعبدي حر فكلم صبية لم يحنث. ولو قال إن تزوجت امرأة فتتزوج صبية حنث لأن الصبا مانع من هجران الكلام فلا تراد الصبية في اليمين المعقودة على الكلام عادة ولا كذلك التزوج ا ه‍. وفي الظهيرية:
حلف لا يكلم امرأته فدخل داره وليس فيها غيرها فقال من وضع هذا حنث ولو كان معها غيرها لا يحنث. ولو قال ليت شعري من وضع هذا لا يحنث لأنه استفهم نفسه. ولو قرأ الحالف كتابا على المحلوف عليه والمحلوف عليه يكتب إن قصد الحالف املاء المحلوف عليه قالوا يخاف عليه الحنث ا ه‍. وفي السراجية عن محمد بن الحسن أنه سأل حال صغره أبا حنيفة فيمن قال لآخر والله لا أكلمك ثلاث مرات فقال أبو حنيفة: ثم ماذا؟ فتبسم محمد رحمه الله وقال: انظر حسنا يا شيخ فنكس أبو حنيفة ثم رفع رأسه فقال: حنث مرتين. فقال له محمد:
أحسنت. فقال أبو حنيفة: لا أدري أي الكلمتين أوجع لي قوله انظر حسنا أو أحسنت ا ه‍.
وأما المسألة الثانية وهي ما إذا حلف لا يكلمه إلا بإذنه فأذن له ولم يعلم بالاذن حتى كلمه فلان. الاذن مشتق من الاذان الذي هو الاعلام أو من الوقوع في الاذن وكل ذلك لا يتحقق إلا بالسماع. وقال أبو يوسف: لا يحنث لأن الاذن هو الاطلاق وأنه يتم بالاذن كالرضا. قلنا:
الرضا من أعمال القلب ولا كذلك الاذن على ما مر ولا يخالفه ما في التتمة والفتاوي الصغرى إذا أذن المولى لعبده والعبد لا يعلم لا يصح الاذن حتى إذا علم يصير مأذونا لأن الاذن يثبت موقوفا على العلم فليس له قبل العلم حكم الاذن ولذا قال الشامل: إذا أذن لعبده فلم يعلم به أحد من الناس فتصرف العبد ثم علم بإذنه لم يجز تصرفه.
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»
الفهرست