البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٥٢
يحنث. وأكل اللبن أن يثرد فيه الخبز ويؤكل وشربه أن يشرب كما هو. ولو حلف لا يشرب هذا العسل فأكله كذلك لا يحنث، ولو صب عليه ماء وشربه حنث، ولو حلف لا يشرب مع فلان، فإن شرب شرابا وفلان شرب شرابا من نوع آخر حنث، ولو حلف لا يشرب شرابا ولا نية له فأي شراب شربه من ماء أو غيره يحنث إذ الشرب اسم لما يشرب. وفي حيل المبسوط: إذا حلف لا يشرب الشراب ولا نية له فهو على الخمر. قال شمس الأئمة الحلواني: فإذا في المسألة روايتان، وفي فتاوى أهل سمرقند لا يحنث بشرب الماء وإذا حلف لا يشرب لبنا فصب الماء في اللبن فالأصل في هذه المسألة وأجناسها أن الحالف إذا عقد يمينه على مائع فاختلط ذلك المائع بمائع آخر من خلاف جنسه إن كانت الغلبة للمحلوف عليه يحنث، وإن كانت الغلبة لغير المحلوف عليه لا يحنث، وإن كانا سواء القياس أن يحنث، وفي الاستحسان لا يحنث. فسر أبو يوسف الغلبة فقال: إن كان يستبين لون المحلوف عليه ويوجد طعمه. وقال محمد: تعتبر الغلبة من حيث الاجزاء، هذا إذا اختلط الجنس بغير الجنس، أما إذا اختلط الجنس بالجنس كاللبن يختلط بلبن آخر فعند أبي يوسف هذا والأول سواء يعني يعتبر الغالب غير أن الغلبة من حيث اللون والطعم لا يمكن اعتبارها هنا فيعتبر بالقدر. وعند محمد يحنث ها هنا بكل حال لأن الجنس لا يستهلك الجنس قالوا: هذا الاختلاف فيما يمتزج ويختلط، أما ما لا يمتزج ولا يختلط كالدهن وكان الحلف على الدهن يحنث بالاتفاق، كذا في الظهيرية.
قوله (إن لم أشرب ماء هذا الكوز اليوم فكذا ولا ماء فيه أو كان فصب أو أطلق ولا ماء فيه لا يحنث وإن كان فصب حنث) بيان لشرط من شروط انعقاد اليمين وهو إمكان تصور البر في المستقبل، وكذا من شرط بقاءها، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا يشترط لأنه يمكن القول بالانعقاد موجبا للبر على وجه يظهر في حق الخلف وهو الكفارة.
ولهما أنه لا بد من تصور الأصل لتنعقد في حق الخلف وبهذا لا تنعقد الغموس موجبة
(٥٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 ... » »»
الفهرست