البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٦٩
اللغو ما يكون خاليا عن فائدة اليمين شرعا ووضعا، فإن فائدة اليمين إظهار الصدق من الخبر، فإن أضيف إلى خبر ليس فيه احتمال الصدق كان خاليا عن فائدة اليمين فكان لغوا.
وقال الشافعي: ما يجري على اللسان من غير قصد ولا خلاف في جواز إطلاق اللفظ على كل واحد منهما ولكن ما قلناه أحق واستدل بقوله تعالى * (وقال الذي كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) * [فصلت: 62] الآية. ومعلوم أن مراد المشركين التعنت أي لم تقدروا على المغالبة بالحجة فاشتغلوا بما هو حال عن الفائدة من الكلام ليحصل مقصودكم بطريق المغالبة دون المحاجة ولم يكن مقصودهم التكلم بغير قصد. قال صاحب التقويم: ولم يرد تكلموا من غير قصد فإن الامر به لا يستقيم ا ه‍. وفي المحيط: والصحيح قولنا لأن اللغو من الكلام ما ليس بصواب ولا حسن فإن اللغو من الكلام القبيح الفاحش منه قال الله تعالى * (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما) * [مريم: 26] أي كلاما قبيحا. فاللغو هو الكلام القبيح الفاحش، والخطأ الذي هو ضد العمد ليس بقبيح فاحش فلا يكون لغوا، فأما ما ذكرنا فهو كلام قبيح فاحش فإنه كذب والكذب قبيح لأنه محظور، وأما الخطأ فليس بمحظور ا ه‍. وفي الخلاصة والخانية: واللغو لا يؤاخذ به صاحبه إلا في الطلاق والعتاق والنذر وفي فتاوى محمد بن الوليد: لو قال إن لم يكن هنا فلان فعلي حجة ولم يكن وكان لا يشك أنه فلان لزمه ذلك ا ه‍. فقد علمت أن اليمين بالطلاق على غالب الظن إذا تبين خلافه موجب لوقوع الطلاق وقد اشتهر عن الشافعية خلافه.
قوله: (واثم في الأولى دون الثانية) أي أثم إثما عظيما كما في الحاوي القدسي في اليمين الأولى وهي يمين الغموس دون اليمين الثانية وهي يمين اللغو. والاثم في اللغة الذنب وقد سمي الخمر إثما. وفي الاصطلاح عند أهل السنة استحقاق العقوبة. وعند المعتزلة لزوم العقوبة بناء على جواز العفو وعدمه كما أشار إليه الأكمل في تقريره في بحث الحقيقة في
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست