البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٧٤
الأسماء كما قدمناه. وذكر الولوالجي رجل قال لآخر الله لا تفعلن كذا أو قال والله لتفعلن كذا وقال الآخر نعم، إن أراد المبتدئ أن يحلف وأراد المجيب الحلف يكون كل منهما حالفا لأن قوله نعم جواب والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال فيصير كأنه قال نعم والله لأفعلن، وإن أراد المبتدي الاستحلاف وأراد المجيب الوعد ليس على كل واحد منهما شئ لأن كل واحد منهما نوى ما يحتمله، وإن أراد المبتدي الاستحلاف وأراد المجيب الحلف فالمجيب الحالف والمبتدي لا لأن كل واحد منهما نوى ما يحتمله، وإن لم ينو واحد منهما شيئا ففي قوله الله الحالف هو المجيب، وفي قوله والله الحالف هو المبتدي ا ه‍.
وأفاد بإطلاقه في اليمين بالله تعالى أنه لا يتوقف على النية ولا على العرف بل هو يمين تعارفوه أولا وهو الظاهر من مذهب أصحابنا وهو الصحيح كما في الذخيرة وغيرها إذ لا اعتبار بالعرف عند قيام دلالة النص، كذا في المحيط. وبه اندفع ما في الولوالجية من أنه لو قال والرحمن لا أفعل كذا إن أراد به السورة لا يكون يمينا لأنه يصير كأنه قال والقرآن، وإن أراد به الله تعالى يكون يمينا ا ه‍. فإن هذا التفصيل في الرحمن قول بشر المريسي كما في الذخيرة والمذهب أنه يمين من غير نية. ومثل الحلف بالله الحلف بالذي لا إله إلا هو، ورب السماوات والأرض، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، والأول الذي ليس قبله شئ، والآخر الذي ليس بعده شئ كما في فتح القدير. وأفاد بعطف الرحيم على الرحمن أنه لا فرق في أسمائه بين أن تكون خاصة أو مشتركة كالحكيم والعليم والقدير والعزيز، فالصحيح أنه لا يتوقف على النية خلافا لبعض المشايخ فيما كان مشتركا لأنه لما كان مستعملا لله تعالى ولغيره لا تتعين إرادة أحدهما إلا بالنية. ورجحه في غاية البيان وهو خلاف المذهب لأن هذه الأسماء وإن كانت تطلق على الخلق لكن تعين الخالق مرادا بدلالة القسم إذ القسم بغير الله لا يجوز فكان الظاهر أنه أراد به اسم الله حملا لكلامه على الصحة إلا أن ينوي به غير الله فلا يكون يمينا لأنه نوى ما يحتمله كلامه فيتصدق في أمر بينه وبين الله تعالى، كذا في البدائع.
وفي الذخيرة والولوالجية: لو قال والطالب والغالب لا أفعل كذا فهو يمين وهو متعارف أهل بغداد ا ه‍. وهذا لا يدل على أن كونه يمينا موقوف على التعارف وإنما بعد ما حكم بكونها يمينا أخبر بأن أهل بغداد تعارفوا الحلف بها، وبذلك اندفع ما في فتح القدير من أنه يلزم إما اعتبار العرف فيما لم يسمع من الأسماء من الكتاب والسنة فإن الطالب لم يسمع بخصوصه بل
(٤٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 ... » »»
الفهرست