البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٧٠
بحث إنما الأعمال بالنيات. وإنما أثم في الأولى لحديث ابن حبان مرفوعا من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار وفي الصحيحين لقي الله وهو عليه غضبان وفي سنن أبي داود قال قال النبي عليه السلام من حلف على يمين مصبورة كاذبا فليتبوأ مقعده من النار والمراد بالمصبورة الملزومة بالقضاء أي المحبوس عليها لأنها مصبور عليها، كذا في فتح القدير. والأولى الاستدلال بحديث البخاري عند عبد الله ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكبائر الاشراك بالله وعقوق الولدين وقتل النفس واليمين الغموس فإنه أعم من أن يقتطع بها مال امرئ مسلم أو لا. وقد صرح في غاية البيان وغيرها بأن اليمين الغموس كبيرة وهو أعم كما ذكرنا، وينبغي أن تكون كبيرة إذا اقتطع بها مال امرئ مسلم أو أذاه وتكون صغيرة إذا لم يترتب عليها مفسدة. وإنما لم يأثم في الثانية لقوله تعالى * (لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم) * [البقرة: 522] ولهذا جزم المصنف بعدم الاثم في اللغو لكن الإمام محمد بن الحسن لم يجزم به وإنما علقه بالرجاء فقال:
الايمان ثلاثة يمين مكفرة. ويمين غير مكفرة، ويمين نرجو أن لا يؤاخذ بها الله تعالى صاحبها. فاعترض عليه بأنه كيف يعلقه بالرجاء مع أنه مقطوع به فاختلف المشايخ في الجواب عنه، ففي الهداية إلا أنه علقه بالرجاء للاختلاف في تفسيره ا ه‍. وتعقبه في فتح القدير بأن الأصح أن اللغو بالتفسيرين الأولين وكذا بالثالث متفق على عدم المؤاخذة في الآخرة، وكذا بالدنيا بالكفارة فلم يتم العذر عن التعليق بالرجاء فالأوجه ما قيل إن لم يرد به التعليق بل التبرك باسم الله تعالى والتأدب فهو كقوله عليه السلام لأهل المقابر وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وأما بالتفسير الرابع فغير مشهور وكونه لغوا هو اختيار سعيد ا ه‍.
وأراد بالتفسيرين الأولين تفسيرنا وتفسير الشافعي، وبالثالث ما عن الشعبي ومسروق لغير اليمين أن يحلف على معصية فينزل لاغيا بيمينه، وبالرابع قول سعيد أن يحرم على نفسه ما
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست