البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٧١
أحل الله من قول أو عمل. والحاصل أن الأولى الجزم كما فعل المصنف لقطعية الدليل كالجزم في نظائره مما في معناه اختلاف.
قوله: (وعلى آت منعقدة وفيها كفارة فقط) أي حلفه على آت تسمى منعقدة نفيا كان أو إثباتا وحكمها وجوب الكفارة إذا حنث لقوله تعالى * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته) * [المائدة: 98] الآية. والمراد منها اليمين في المستقبل بدليل قوله تعالى * (واحفظوا أيمانكم) * [المائدة: 98] ولا يتصور الحفظ عن الحنث والهتك إلا في المستقبل. وقد اعترض في التبيين على المصنف بأنه لا معنى لقوله فقط لأن في اليمين المنعقدة إثما أيضا ولفظ الكفارة ينبئ عنه لأن معناها الستارة وهي لا تجب إلا لرفع المأثم ا ه‍. وهو مردود من وجهين: أحدهما أن معنى قوله فقط أنه لا كفارة في غيرها من الغموس بيانا لذلك خلافا للشافعي فإنه أوجب الكفارة في الغموس كالمنعقدة لأنها شرعت لدفع ذنب هتك حرمة اسم الله تعالى، وقد تحقق بالاستشهاد بالله كاذبا فأشبه المعقودة، ولنا أنها كبيرة محضة والكفارة عبادة حتى تتأدى بالصوم ويشترط فيها النية فلا تناط بها بخلاف المعقودة فإنها مباحة، ولو كان فيها ذنب فهو متأخر متعلق باختيار مبتدأ وما في الغموس ملازم فيمتنع الالحاق، كذا في الهداية. وذكر في فتح القدير أن المعقودة عند الشافعي ليست سوء المكسوبة بالقلب، وكون الغموس قارنها الحنث لا ينفي الانعقاد عنده، وكونها لا تسمى يمينا لأنها لم تنعقد للبر بعيد إذ لا شك في تسميتها يمينا لغة وعرفا وشرعا بحيث لا يقبل التشكيك، فليس الوجه إلا ما قدمناه من أن شرعية الكفارة لدفع ذنب أصغر لا يستلزم شرعها لدفع ذنب أكبر، وإذا أدخلها في مسمى المنعقدة وجعل المنعقدة تنقسم إلى غموس وغيرها عسر النظر معه إلا أن يكون لغة أو سمع وقد روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد عن النبي عليه السلام في حديث مطول قال فيه خمس ليس فيهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبهت المؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مال مسلم بغير
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست