البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٥٨
احترازا عما إذا ولدت منه بالزنا ثم ملكها فإنها لا تصير أم ولد له لأنه لا نسب فيه للولد إلى الزاني، وإنما يعتق على الزاني إذا ملكه لأنه جزؤه حقيقة بلا واسطة، نظيره من اشترى أخاه من الزنا لا يعتق لأنه ينسب إليه بواسطة نسبه إلى الوالد وهي غير ثابتة والوطئ بالشبهة كالنكاح كما في المحيط. وأطلق في الملك فشمل الكل والبعض ولذا قال في المحيط: وإذا ولدت الأمة المنكوحة من الزوج ثم اشتراها هو وآخر تصير أم ولد للزوج لما قلنا، ويلزمه قيمة نصيب شريكه لأنه بالشراء صارت أم ولد له وانتقل نصيب الشريك إليه بالضمان، وإن ورثا معا الولد وكان الشريك ذا رحم محرم من الولد عتق عليهما جميعا، وإن كان الشريك أجنبيا سعى الولد للشريك في حصته لأنه لما عتق نصيب الأب فسد نصيب شريكه اه‍.
وأشار المصنف بكونها أم ولد له إلى أن أولادها منه أحرار إذا ملكهم لأن من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه الحديث. ولو ملك ولدا لها من غيره لا يعتق وله بيعه عندنا لأنها إنما صارت أم ولد له من حين الملك لا من حين العلوق، وأما الولد الحادث في ملكه فحكمه حكم أمه بالاتفاق إلا أنه إذا كان جارية لم يستمتع بها لأنه وطئ أمها هذه إجماعية وهي واردة على إطلاق من قال إنه كأمه، كذا في فتح القدير. ويستثنى منه أيضا ما في الظهيرية: رجل اشترى جارية هي أم ولد الغير من رجل أجنبي ولا علم له بحالها فولدت منه ولدا ثم استحقها مولاها وقضى له بها، فعلى أبي الولد وهو المشتري قيمة الولد لمولى أم الولد بسبب الغرور، وكان ينبغي أن لا يكون عليه شئ من قيمة الولد على قول أبي حنيفة لأن ولد أم الولد لا مالية فيه كأمه إلا أنه ضمن مع هذا قيمته عنده لأنه إنما لا يكون فيه مالية بعد ثبوت حكم أمية الولد فيه ولم يثبت في الولد لأنه علق حر الأصل فلذا كان مضمونا بالقيمة والله أعلم اه‍. فحاصله أن ولد أم الولد من غير المولى كأمه إلا في مسألتين، فإذا ملك من استولدها بالنكاح وبنتها من غير الحادثة قبل الملك والبنت الحادثة من رجل بعد الملك وأعتقهن ثم اشتراهن بعد السبي والارتداد عدن كما كن في قول أبي يوسف يحرم عليه بيع الام والبنت الثانية ولا يحرم عليه بيع البنت الأولى. وقال محمد: يحرم عليه بيع الام ولا يحرم عليه بيع البنتين، كذا في الظهيرية.
قوله: (ولو ادعى ولد أمة مشتركة ثبت نسبه وهي أم ولده ولزمه نصف قيمتها ونصف عقرها لا قيمته) أما ثبوت النسب فلانه لما ثبت في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق إذ الولد الواحد لا يعلق من مائين، وأما صيرورتها أم ولد فلان الاستيلاد لا يتجزأ عنده، وعندهما يصير نصيبه أم ولد له ثم يتملك نصيب صاحبه إذ هو قابل للملك. وأما ضمان نصف القيمة فلانه تملك نصيب صاحبه لما استكمل الاستيلاد، وأما ضمان نصف العقر فلانه وطئ جارية مشتركة إذ الملك
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»
الفهرست