البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٢٣
ما إذا شهدا أنه طلق إحدى نسائه فإنها جائزة ويجبر على أن يطلق إحداهن بالاجماع وهو المراد بقوله أو طلاق مبهم وهو استثناء منقطع لأن صدر الكلام لم يتناول آخره. وفرق الإمام بينهما، أما في عتق العبد فالفرق أن الشهادة على عتق العبد لم تقبل من غير دعوى العبد ولم يتحقق هنا لأن الدعوى من المجهول لا تتحقق فلا تقبل الشهادة. وعندهما لما لم تكن دعواه شرطا قبلت. أما في الطلاق فعدم الدعوى لا يوجب خللا في الشهادة. لأنها ليست بشرط فيه، وأما في عتق الأمة فإنها لا تقبل عنده وإن كانت الدعوى ليست شرطا فيه لأنه إنما لم تشترط الدعوى لما أنه يتضمن تحريم الفرج فشابه الطلاق لكن العتق المبهم لا يوجب تحريم الفرج عنده على ما ذكرنا فصار كالشهادة على عتق أحد العبدين. والمراد بقوله إلا أن تكون في وصية أنهما شهدا أنه أعتقه في مرض موته فإن القياس أن لا تقبل لما ذكرنا. والاستحسان قبولها لأن العتق في المرض وصية والخصم معلوم وهو الموصي وله خلف وهو الوصي أو الوارث فتتحقق الدعوى من الخلف، ولان العتق يشيع بالموت فيهما فصار كل واحد منهما معينا. وكذا لو شهدا على تدبير أحدهما، سواء كان في صحته أو مرضه، لأنه وصية ولو في الصحة. وأطلق المصنف في شهادتهما بعتق أحد العبدين فشمل ما إذا كانت الشهادة بعد موت المولى وهو قول البعض لأن العتق في الصحة ليس بوصية فلا تقبل شهادتهما، والأصح قبولها اعتبارا للشيوع لما عرف أن الحكم إذا علل بعلتين لا ينتفي بانتفاء أحدهما فكان ينبغي للمصنف أن يقول في حياته كما لا يخفى لكن قال في فتح القدير: ولقائل أن يقول شيوع العتق الذي هو مبني على صحة كون العبدين مدعيين يتوقف على ثبوت قوله أحد كما حر ولا مثبت له إلا الشهادة وصحتها متوقفة على الدعوى الصحيحة من الخصم فصار ثبوت شيوع العتق متوقفا على ثبوت الشهادة، فلو أثبتت الشهادة بصحة خصومتها وهي متوقفة على ثبوت العتق فيهما شائعا لزم الدور، وإذا لم يتم وجه ثبوت هذه الشهادة على قوله لزم ترجيح القول بعدم قبولها، وعلى هذا يبطل الوجه الثاني من وجهي الاستحسان في المسألة التي قبل هذه ا ه‍. أقول: إن هذا من العجب العجاب من هذا المحقق لأن صحة كونهما مدعيين لا يتوقف على الثبوت إذ يلزم مثله في كل دعوى بأن يقال: صحة كونه مدعيا متوقفة على ثبوت قوله، وثبوت قوله متوقف على تقدم الدعوى الصحيحة، وإنما صحة الدعوى متوقفة على كون المدعي معلوما مع بقية الشرائط، فإذا كان المولى حيا لم يدع كل منهما عتق نفسه لجهالة المعتق فلم تسمع الشهادة لعدم تقدم الدعوى، وإذا مات المولى شاع العتق فجاز لكل واحد منهما أن يدعي أن نصفه حر فإذا ادعى ذلك سمعت دعواه وقبل
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست