البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٢٦
ولو قدم الشرط فقال إن كلمت فلانا أو إذا كلمت فلانا أو إذا جاء غد فكل مملوك اشتريه فهو حر فهذا على ما يشتريه بعد الكلام لا قبله حتى لو كان اشترى مماليك قبل الكلام ثم كلم لا يعتق واحد منهم، وما اشتراه بعده يعتق، ولو قال كل مملوك اشتريه إذا دخلت الدار فهو حر، أو قال إن قدم فلان فهذا على ما يشتري بعد الفعل الذي حلف عليه ولا يعتق ما اشترى قبل ذلك إلا أن يعينهم.
قوله: (ولو لم يقل يومئذ لا) أي لا يعتق ما يملكه بعده وإنما يعتق من كان في ملكه وقت التكلم لأن قوله كل مملوك لي يختص بالحال والجزاء حرية المملوك في الحال يتعلق في الحال بمملوك أي المملوك في الحال حريته هي الجزاء، وإنما كانت للحال لأن المختار في الوصف من اسم الفاعل والمفعول أن معناه قائم حال التكلم بمن نسب إليه على وجه قيامه به أو وقوعه عليه، واللام للاختصاص، فلو لم يكن في ملكه شئ يوم حلف كان اليمين لغوا.
ولا فرق بين كون العتق معلقا كما في الكتاب أو منجزا، أو سواء قدم الشرط أو أخره، وسواء كان التعليق ب‍ " إن كما في الكتاب أو بغيرها كإذا دخلت أو إذا ما أو متى أو متى ما.
وقوله لي ليس بقيد لأنه لو قال كل مملوك أملكه فهو حر ولا نية له فإنه لما كان في ملكه يوم حلف فقط لأن صيغة افعل وإن كانت تستعمل للحال والاستقبال لكن عند الاطلاق يراد به الحال عرفا وشرعا ولغة. أما العرف فإن من قال فلان يأكل أو يشرب أو يفعل كذا يريد به الحال. ويقول الرجل ما أملك ألف درهم ويريد به الحال. وأما الشرع فإن من قال أشهد أن لا إله إلا الله يكون مؤمنا، ولو قال أشهد أن لفلان علي فلان كذا كان شاهدا.
وأما اللغة فإن هذه الصيغة موضوعة للحال على طريق الأصالة لأنه ليس للحال صيغة أخرى وللاستقبال سين وسوف فكانت الحال أصلا فيها والاستقبال دخيلا، فعند الاطلاق ينصرف إلى الحال. ولو قال عنيت به ما استقبل ملكه عتق ما ملكه للحال وما استحدث الملك فيه لما ذكرنا أن ظاهرها للحال وبنيته يصرفه عن ظاهره فلا يصدق فيه ويصدق في قوله أردت ما يحدث ملكي فيه في المستقبل فيعتق عليه بإقراره كما إذا قال زينب طالق وله امرأة معروفة بهذا الاسم ثم قال لي امرأة أخرى بهذا الاسم عنيتها طلقت المعروفة بظاهر اللفظ والمجهولة باعترافه كذا ها هنا. وكذا لو قال كل مملوك أملكه الساعة فهو حر إن هذا يقع على ما في ملكه وقت اليمين ولا يعتق ما يستفيده بعد ذلك إلا أن يكون نوى ذلك فيلزمه ما نوى لأن المراد من الساعة المذكورة هي الساعة المعروفة عند الناس وهي الحال لا الساعة الزمانية التي يذكرها المنجمون فيتناول هذا الكلام من كان في ملكه وقت التكلم لا من يستفيده من بعد، فإن قال أردت به من أستفيده في هذه الساعة الزمانية يصدق فيه لأن اللفظ يحتمله وفيه تشديد على نفسه ولكن لا يصدق في صرف اللفظ عمن يكون في ملكه للحال، وسواء أطلق أو علق بشرط قدم الشرط أو أخره، كذا في البدائع.
(٤٢٦)
مفاتيح البحث: الأكل (2)، الشهادة (2)، العتق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست