البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٢٠
في الجامع الصغير من غير خلاف فيه. والمذكور لمحمد في الكيسانيات في هذه المسألة أنه لا يحكم بعتق واحد منهم لأنا لم نتيقن بعتق، واعتبار الأحوال بعد التيقن بالحرية، ولا يجوز إيقاع العتق بالشك فعن هذا حكم الطحاوي بأن محمدا كان أولا مع أبي حنيفة وأبي يوسف ثم رجع. وفي النهاية عن المبسوط أن هذا الجواب ليس جواب هذا الفصل بل في هذا الفصل لا يحكم بعتق واحد ولكن يحلف المولى بالله ما يعلم أنها ولدت الجارية أولا، فإن نكل فنكوله كإقراره، وإن حلف فكلهم أرقاء. وأما جواب هذا الفصل إنما هو فيما إذا قال إن كان أول ولد تلدينه غلاما فأنت حرة، وإن كانت جارية فهي حرة، فولدتهما ولا يدري الأول فالغلام رقيق والأنثى حرة ويعتق نصف الام، ولا شك أن هذا ليس جواب الكتاب لأن في هذه الصورة يعتق جميع الجارية على كل حال لأنها إن ولدت الجارية أولا عتقت بالشرط، وإن ولدت الغلام أولا عتقت تبعا للام، وأما انتصاف عتق الام فلأنها تعتق في ولادة الغلام أولا وترق في الجارية، وجواب الكتاب عتق نصفها مع نصف الام. وصحح في النهاية ما في الكيسانيات لأن الشرط الذي لم يتيقن وجوده إذا كان في طرف واحد كان القول قول من أنكر وجوده كما إذا قال إن دخلت الدار غدا فأنت حر فمضى الغد ولا يدري أدخل الدار أم لا للشك في شرط العتق، فكذا وقع الشك في شرط العتق وهو ولادة الغلام أولا. وأما إذا كان الشرط مذكورا في طرفي الوجود والعدم كان أحدهما موجودا لا محالة فحينئذ يحتاج إلى اعتبار الأحوال. فإن قلت: المفروض في مسألة الكتاب تصادقهم على عدم علم المتقدم والمتأخر، فكيف يحلف ولا دعوى ولا منازع؟ قلت: هو محمول على دعوى من خارج حسبة عتق الأمة أو بنتها لوجود الشرط، وقد عرف أن الأمة لو أنكرت العتق وشهد به يقبل فعلى هذا جاز أن يدعى رجل حسبة إذا لم تكن بينة ليحلف لرجاء نكوله، هذا ولكن المذكور في المبسوط في تعليله صرح بأن الام تدعي العتق والمولى ينكر والقول للمنكر مع يمينه، فأفاد أن ذلك في صورة دعوى الام وهي غير هذه الصورة التي في الكتاب.
واعلم أن ما ذكر في النهاية من ترجيح ما في الكيسانيات حقيقته إبطال قول أبي حنيفة وأبي يوسف مع أنه لم يرو عنهما رواية شاذة تخالف ذلك في الجواب، واستدلاله بأن الشرط الكائن في طرف واحد إلى آخر قد ينظر فيه بأن ذلك في الشرط الظاهر لا الخفي، ولذا قيد في المبسوط حيث قال: إذا قال إن فعلت كذا فأنت حر وذلك من الأمور الظاهرة كالصوم والصلاة ودخول الدار فقال العبد فعلت لا يصدق إلا ببينة بخلاف قوله إن كنت تحبيني إلى
(٤٢٠)
مفاتيح البحث: الإخفاء (1)، العتق (10)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست