البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٢٥
العتق جزاء على الحلف بأن يعلق العتق بشئ وهو شروع في بيان التعليق بعد ما ذكر مسائل التنجيز. وإنما ذكر مسألة التعليق بالولادة في باب عتق البعض لبيان أنه يعتق منه البعض عند عدم العلم. والحلف بفتح الحاء مع سكون اللام وكسرها مصدر قولهم حلف بالله يحلف حلفا وحلفا القسم، وبكسر الحاء مع سكون اللام العهد قوله: (ومن قال إن دخلت فكل مملوك لي يومئذ حر عتق ما يملكه بعده به) أي بعد هذا القول بالدخول لأن التنوين في يومئذ عوض عن الجملة المضاف إليها لفظ إذ تقديره إذا دخلت. ولفظ يوم ظرف للمملوك فكان التقدير كل من يكون في ملكي وقت الدخول حر. وهذا في الحقيقة إضافة عتق المملوك يوم الدخول إلى يوم الدخول، والمملوك لا يكون إلا بملك فصار كأنه قال إن ملكت مملوكا وقت الدخول فهو حر وهو يصدق بملك قبل الدخول يقارن بقاءه الدخول فكأنه إضافة العتق إلى الملك الموجود عند الدخول بخلاف قوله لعبد غيره إن دخلت الدار فعبدي حر فاشتراه فدخل لا يعتق لأنه لم يضف العتق إلى ملكه لا صريحا ولا معنى. والمراد باليوم هنا مطلق الوقت حتى لو دخل ليلا عتق ما في ملكه لأنه أضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول وإن كان في اللفظ إنما أضيف إلى لفظ إذ المضافة للدخول لكن معنى إذ غير ملاحظ وإلا كان المراد يوم وقت الدخول، وهو وإن كان يمكن على معنى يوم الوقت الذي فيه الدخول تقييدا لليوم به لكن إذا أريد به مطلق الوقت يصير المعنى وقت وقت الدخول ونحن نعلم مثله كثيرا في الاستعمال الفصيح كنحو ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ولا يلاحظ فيه شئ من ذلك فإنه لا يلاحظ في هذه الآية وقت يغلبون يفرح المؤمنون، ولا يوم وقت يغلبون يفرحون، ونظائره كثيرة في كتاب الله تعالى وغيره، فعرف أن لفظ إذ لم يذكر إلا تكثيرا للعوض عن الجملة المحذوفة أو عمادا له أعني التنوين لكونه حرفا واحدا ساكنا تحسينا لم يلاحظ معناها، ومثله كثير في أقوال أهل العربية في بعض الألفاظ لا يخفى على من له نظر فيها، كذا في فتح القدير. ولو قال المصنف عتق ما هو مملوك له وقت الدخول لكان أظهر لأن ما كان في ملكه وقت الحلف واستمر إلى وقت الدخول لم يملكه بعد اليمين ملكا متجددا. وفي البدائع: لو قال كل مملوك أملكه اليوم فهو حر ولا نية له وله مملوك فاستفاد في يومه ذلك مملوكا آخر عتق ما في ملكه وما استفاد ملكه في اليوم، وكذا لو قال هذا الشهر أو هذه السنة لأنه لما وقت باليوم أو الشهر أو السنة فلا بد وأن يكون التوقيت مفيدا، ولو لم يتناول إلا ما في ملكه يوم الحلف لم يكن مفيدا، فإن قال عنيت أحد الصنفين دون الآخر لم يدين في القضاء لأنه نوى تخصيص العموم وأنه خلاف الظاهر فلا يصدق في القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأن الله تعالى مطلع على نيته. وفي البدائع أيضا: لو قال كل مملوك اشتريه فهو حر إن كلمت فلانا أو إذا كلمت فلانا أو إذا جاء الغد ولا نية له فهذا يقع على ما يشتريه قيل الكلام، فكل مملوك اشتراه قبل الكلام ثم كلم عتق، وما اشتراه بعد الكلام لا يعتق،
(٤٢٥)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، العتق (11)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست