البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٢١
آخره. فيمكن أن تكون الولادة من الأمور التي ليست ظاهرة فيوجب الشك فيها اعتبار الأحوال فيعتق نصف الام كما في الجامع والله أعلم، كذا في فتح القدير وفيه نظر، لأن جعل الولادة من الأمور الخفية كمحبة القلب لا يصح لأن المراد بالأمور الظاهرة ما يمكن اطلاع الغير عليها، والمراد بالخفية ما لا يمكن اطلاع الغير عليه، ولا شك أن الولادة مما يمكن الاطلاع عليها ولذا اتفقوا أنه لا يقبل قول المرأة في الولادة ولو كانت كالمحبة لقبل قولها، وإنما اختلفوا هل يكتفي بشهادة المرأة أو لا بد من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين كما قدمناه. فالحق أن المسألة مشكلة لأنها لا توافق الأصول ولا يمكن الحكم بإبطال هذا الجواب كما في النهاية لأن جوابها نص الجامع الصغير، ولولا ذلك لتعين القول بما في النهاية، وقد ظهر للعبد الضعيف أن مشايخنا يعتبرون الأحوال عند تعدد الشرط وعند التعليق بشرط واحد له جزآن كمسألتنا.
قوله: (فإن العتق معلق على شرطه له جزآن) إحداهما ولادة الغلام، وثانيهما كونه أول، ففي كل منهما إذا تحقق وجود البعض ووقع التردد في تعيينه فحينئذ تعتبر الأحوال، فإن في مسألتنا تحقق ولادة الغلام لكن لم يدر أنه أول بخلاف التعليق بدخول الدار ونحوه فإن الشرط شئ واحد ولم يتحقق وجوده فلا تعتبر الأحوال. فالحاصل أن الشرط إذا كان مركبا من جزئين فهو كالتعليق بشرطين. وبهذا التقدير يصح ما في الجامع الصغير وتتوافق الفروع مع الأصول كما لا يخفى. والمراد بعدم علم الأول تصادقهم على عدم الأول تصادقهم على عدم معرفة الأول، وقيد به لأنهم لو اتفقوا على أن ولادة الغلام أولا أو اتفقوا على أن ولادة الجارية أولا فلا يعتق أحد في الثاني ويعتق كل الام والجارية في الأول فهي ثلاثة، والرابعة لو اختلفا فادعت الام ولادة الغلام أولا وأنكر المولى والجارية صغيرة فالقول قول المولى لأنه ينكر شرط العتق، ويحلف على العلم لأنه فعل الغير، فإن حلف لم يعتق واحد منهما إلا أن تقيم البينة بعد ذلك، وإن نكل عتقت الام والبنت لأن دعوى الام حرية الصغير معتبرة لأنها نفع محض ولها عليها ولاية لا سيما إذا لم يعرف لها أب. الخامسة أن تدعي الام بأن الغلام هو الأول ولم تدع البنت وهي كبيرة فإنه يحلف المولى، فإن حلف لم يعتق واحد منهم، وإن نكل عتقت الام دون البنت لأن النكول حجة ضرورية فلا تتعدى ولا ضرورة
(٤٢١)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الشهادة (1)، العتق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست