البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٧
كالجمع بين العبد والحر فيبطل فيهما لأن كتابة معتق البعض لا تقبل الفسخ بخلاف المكاتب فهي ثلاث مسائل يخالف فيها معتق البعض المكاتب وإنما لم يذكروها نصا لأنهما اثران لعدم قبول الفسخ كما لا يخفى وأطلق في البعض فشمل المعين والمبهم ولزمه بيانه. وفي جوامع الفقه: الاستسعاء أن يؤاجره ويأخذ قيمة ما بقي من أجره قالوا وعلى هذا الخلاف التدبير والاستيلاد.
قوله: (وان أعتق نصيبه فلشريكه ان يحرر أو يستسعى والولاء لهما أو يضمن لو موسرا ويرجع به على العبد والولاء له) وهذا عند أبي حنيفة وقالا ليس له الا لضمان مع اليسار والسعاية مع الاعسار ولا يرجع المعتق على العبد وهذه المسألة تنبني على أصلين أحدهما تجزؤ الاعتاق وعدمه على ما بيناه والثاني ان يسار المعتق لا يمنع استسعاء العبد عنده وعندهما يمنع لهما في الثاني قوله عليه السلام في الرجل يعتق نصيبه إن كان غنيا ضمن وإن كان فقيرا سعى في حصة الآخر قسم والسمة تنافي الشركة وله انه ان احتبست مالية نصيبه عند العبد فله ان يضمنه كما إذا هبت الريح بثوب انسان وألقته في صبغ غيره حتى انصبغ به فعلى صاحب الثوب قيمة صبغ الآخر موسرا كان أو معسرا لما قلنا فكذا هنا الا ان العبد فقير فيستسعيه وإنما ثبت الخيار للشريك الساكت لقيام ملكه في الباقي إذ الاعتاق يتجزأ عنده وقد ذكر المصنف ان له الاعتاق والاستسعاء والتضمين وزاد عليه في التحفة خيارين آخرين التدبير والكتابة وإنما تركهما المصنف لأن الكتابة ترجع إلى معنى الاستسعاء ولو عجز استسعى ولو امتنع العبد من السعاية يؤاجره جبرا ويدل على أن الكتابة في معنى الاستسعاء انه لو كاتبه على أكثر من قيمته إن كان من النقدين لا يجوز الا أن يكون قدرا يتغابن الناس فيه لأن الشرع أوجب السعاية على قيمته فلا يجوز الأكثر وكذا لو كان صالحه على عرض أكثر من قيمته جاز وإن كاتبه على حيوان جازت وأما التدبير ففي البدائع والمحيط فإن اختار التدبير فدبر نصيبه صار نصيبه مدبرا عند أبي حنيفة لأن نصيبه باق على ملكه فيحتمل التخريج إلى العتق والتدبير تخريج له إلى العتق إلا أنه لا يجوز له أن يتركه على حاله ليعتق بعد الموت بل تجب عليه السعاية للحال فيؤدي فيعتق لأن تدبيره اختيار منه للسعاية اه‍. فلما كان التدبير والكتابة راجعين إلى السعاية لم يذكرهما المصنف، وظاهر كلام الكمال أنه لا فائدة لهما حيث يرجعان إليها. قلت: بل لهما فائدة، أما في التدبير فلان الشريك المدبر إذا مات عتق العبد كله بسبب التدبير وسقطت عنه السعاية إذا كان يخرج من ثلث ماله ولولا التدبير لسعى للورثة كالمكاتب، وأما في الكتابة فلان فائدتها تعيين البدل لأنه لولا الكتابة لاحتيج إلى تقويمه وإيجاب نصف القيمة، وقد يحتاج فيها إلى القضاء عند التنازع
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست