البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٨
في المقدار ولا يدل عدم جواز الكتابة على أكثر من القيمة زيادة فاحشة على أنه لا فائدة لها لأن الحكم كذلك في صلح الساكت مع الشريك المعتق.
قال في البدائع: ولو صالح الذي لم يعتق العبد المعتق على مال فإن هذا لا يخلو من الأقسام التي ذكرناها في المكاتبة، فإن كان الصلح على الدراهم والدنانير على نصف قيمته فهو جائز، وكذا إذا كان على أقل من نصف قيمته، وكذا إذا صالح على أكثر من نصف القيمة مما يتغابن الناس في مثله، فأما إذا كان على أكثر من قيمته مما لا يتغابن الناس في مثله فالفضل باطل في قولهم جميعا لأنه ربا اه‍. فالحق أن الخيارات خمسة كما هو في البدائع وغيرها، وأطلق المصنف في تحرير الشريك فشمل العتق منجزا ومضافا. قال في فتح القدير:
وينبغي إذا أضافه أن لا تقبل منه إضافته إلى زمان طويل لأنه كالتدبير معنى ولو دبره وجب عليه السعاية في الحال فيعتق كما صرحوا به فينبغي أن يضاف إلى مدة تشاكل مدة الاستسعاء اه‍. وأشار المصنف بذكر هذه الخيارات إلى أنه ليس له خيار الترك على حاله لأنه لا سبيل إلى الانتفاع به مع ثبوت الحرية في جزء منه فلا بد من تخريجه إلى العتق كما في البدائع، وإلى أنه لو اختار واحدا مما ذكر تعين فإن اختار الاستسعاء فليس له التضمين وعكسه، نعم إذا احتار الاستسعاء فله الاعتاق وإلى أنه ليس للساكت أن يختار التضمين في البعض والسعاية في البعض كما في المبسوط. وأطلق في تضمين الموسر وهو مقيد بأن يكون الاعتاق بغير إذنه فلو أعتق أحدهما نصيبه بإذن صاحبه فلا ضمان عليه، وإنما الاستسعاء في ظاهر الرواية.
وعن أبي يوسف أنه يضمن لأنه عنده ضمان تملك لا إتلاف، ولذا كان كل الولاء له وضمان التملك لا يسقط بالرضا. وجه ظاهر الرواية أن ضمان الاعتاق ضمان إتلاف ولذا يختلف باليسار والاعسار، وإنما ملك نصيب صاحبه بمقتضى الاعتاق تصحيحا له لا قصدا لأن الاعتاق وضع لابطال الملك فثبوت الملك بما وضع لابطاله يكون تناقضا والمقتضي تبع للمقتضى فكان حكمه حكم المقتضي، والمقتضى وهو الاعتاق لا يوجب الضمان مع الرضا فلذا تبعه، كذا في المحيط. ولو كان الساكت جماعة فاختار بعضهم السعاية وبعضهم الضمان فلكل منهم ما اختار في قول أبي حنيفة، كذا في البدائع. واختلف في حد اليسار هنا ففي الهداية، ثم المعتبر يسار التيسير وهو أن يملك من المال قدر نصيب الآخر لا يسار الغنى لأن به يقيد له النظر من الجانبين بتحقيق ما قصده المعتق من القربة وإيصال بدل حق الساكت إليه. وجعله في فتح القدير ظاهر الرواية قال: وفي رواية الحسن استثنى الكفاف وهو المنزل والخادم وثياب البدن. والذي يظهر أن استثناء الكفاف لا بد منه على ظاهر الرواية ولذا اقتصر عليه في المحيط فقال: ثم حد اليسار أن يكون المعتق مالكا لمقدار قيمة ما بقي من العبد سوى ملبوسه وقوت يومه لا ما يعتبر في حرمة الصدقة. وصححه في المجتبى. وتعتبر قيمة العبد في الضمان والسعاية يوم الاعتاق لأنه سبب الضمان كالغصب، وكذلك يعتبر
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست