البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٠٠
بدل الكتابة لكن لهم الابراء عن السعاية كذا هذا اه‍. وأشار المصنف بذكر هذه الخيارات إلى أن الساكت لو ملك نصيبه من المعتق ببيع أو هبة فإنه لا يجوز استحسانا لأنه لم يبق محلا للتمليك لأنه مكاتب عنده حر مديون عندهما بخلاف ما إذا ضمن المعتق نصيب الساكت فإنه يملكه بالضمان ضرورة. قال قاضيخان في جامعه: وإذا ضمن المعتق وأدى الضمان ملك نصيب الساكت فيخير في نصيب الساكت، إن شاء أعتق وإن شاء استسعى بمنزلة ما لو كان الكل له فأعتق بعضه اه‍. ولذا كان الولاء كله له وإنما رجع المعتق على العبد بما ضمن لقيامه مقام الساكت بأداء الضمان وقد كان للساكت الاستسعاء فكذا لمن قام مقامه بخلاف العبد المستسعي لا رجوع له بما أدى على المعتق بإجماع أصحابنا لأنه أدى لفكاك رقبته بخلاف المرهون إذا أعتقه الراهن المعسر حيث يرجع على المعتق إذا قدر على دفع القيمة للمرتهن لأنه يسعى في فك رقبة قد فكت أو يقضي دينا على الراهن. وفي المجتبى: لو كان العبد بين ثلاثة لأحدهم نصفه وللثاني ثلثه وللثالث سدسه فأعتقه صاحب النصف والثلث يضمنان السدس نصفين والولاء للأول في النصف، وفيما ضمن من نصف السدس وللثاني في ثلثه، وفيما ضمن من نصف السدس. وأطلق المصنف في الشريك وهو مقيد بمن يصح منه الاعتاق، فلو كان الشريك صبيا ينتظر بلوغه إن لم يكن له ولي أو وصي، فإن كان له أحدهما فله الخيار إن شاء ضمن وإن شاء استسعى أو كاتب لأنه ضمان نقل الملك فصار كالبيع، واختيار السعاية كالكتابة. وللولي ولاية بيع مال الصبي وكتابة عبده، وللقاضي أن ينصب وصيا ليختار أحدهما وليس لهما اختيار الاعتاق والتدبير والجنون كالصبي كما في البدائع.
وإن كان الشريك عبدا مأذونا فإن كان مديونا فله اختيار التضمين والاستسعاء، وإذا استسعى فالولاء لمولاه لأنه أقرب الناس إليه، وإن لم يكن عليه دين فالخيارات الخمسة ثابتة للمولى إن كان موسرا وإلا فالأربع والمكاتب كالمأذون والمديون.
قوله: (ولو شهد كل بعتق نصيب صاحبه سعى لهما) أي لو شهد كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيب نفسه سعى العبد لهما في قيمته لكل واحد منهما في نصيبه عند أبي حنيفة، موسرين كانا أو معسرين، أو كان أحدهما موسرا والآخر معسرا، لأن كل واحد منهما يزعم أن صاحبه أعتق نصيبه فصار مكاتبا في زعمه عنده، وحرم عليه الاسترقاق فيصدق في حق نفسه فيمنع من استرقاقه ويستسعيه لأنا تيقنا بحق الاستسعاء كاذبا كان أو صادقا لأنه مكاتبه أو مملوكه فلهذا يستسعيانه، ولا يختلف ذلك باليسار وبالاعسار لأن حقه في الحالين في أحد الشيئين لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده، وقد تعذر التضمين لانكار الشريك فتعين الآخر وهو السعاية والولاء لهما لأن كلا منهما يقول عتق نصيب صاحبي عليه بإعتاقه وولاؤه له وعتق نصيبي بالسعاية وولاؤه لي وهو عبد ما دام يسعى لهما بمنزلة المكاتب. وقالا: إن كانا موسرين فلا سعاية عليه لأن كل واحد منهما يتبرأ عن
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست