البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٠١
سعايته بدعوى الضمان على صاحبه لأن يسار المعتق يمنع السعاية عندهما إلا أن الدعوى لم تثبت لانكار الآخر، والبراءة قد ثبتت لاقراره على نفسه. وإن كانا معسرين سعى لهما لأن كل واحد منهما يدعي السعاية عليه صادقا كان أو كاذبا على ما بيناه إذ المعتق معسر، وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا سعى للموسر منهما لأنه لا يدعي الضمان على صاحبه لاعساره وإنما يدعي عليه السعاية فلا يبرأ عنه، ولا يسعى للمعسر لأنه يدعي الضمان على صاحبه ليساره فيكون مبرئا للعبد عن السعاية. والولاء موقوف في جميع ذلك عندهما لأن كل واحد منهما يحيله على صاحبه ويتبرأ عنه فيبقى موقوفا إلى أن يتفقا على إعتاق أحدهما، كذا في الهداية. فلو مات قبل أن يتفقا وجب أن يأخذه بيت المال كما في فتح القدير. ولم يذكر المصنف تحليف كل منهما هنا وذكره في المستصفى فقال: والسعاية لهما بعد أن يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه لأن كل واحد منهما مدع ومنكر. وصرح في البدائع والمحيط بأنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه وفي فتح القدير: وهو أوجه فيجب في الجواب المذكور وهو لزوم استسعاء كل منهما للعبد أنه فيما إذا لم يترافعا إلى قاض بل خاطب كل منهما الآخر أنك أعتقت نصيبك وهو ينكر فإن هذه ليس حكمها إلا الاستسعاء إذ لو أراد أحدهما التضمين أو أراداه ونصيبهما متفاوت فترافعا أو رفعهما ذو حسبة فيما لو استرقاه بعد قولهما فإن القاضي لو سألهما فأجابا بالانكار فحلفا لا يسترق لأن كلا يقول إن صاحبه حلف كاذبا واعتقاده أن العبد يحرم استرقاقه ولكل استسعاؤه. ولو اعترفا أنهما أعتقا معا أو على التعاقب وجب أن لا يضمن كل الآخر إن كانا موسرين، ولا يستسعي العبد لأنه عتق كله من جهتهما، ولو اعترف أحدهما وأنكر الآخر فإن المنكر يجب أن يحلف لأن فيه فائدة فإنه إن نكل صار معترفا أو باذلا وصارا معترفين فلا يجب على العبد سعاية كما قلنا اه‍.
وتقييد المصنف بشهادة كل منهما قيد اتفاقي إذ لو شهد أحدهما على صاحبه أنه أعتقه وأنكره الآخر فالحكم كذلك. قال في البدائع: لا تقبل شهادته على صاحبه وإن كانا اثنين لأنهما يجران إلى أنفسهما مغنما، ولا يعتق نصيب الشاهد ولا يضمن لصاحبه ويسعى العبد في قيمته بينهما، موسرين كانا أو معسرين في قول أبي حنيفة. وعندهما إن كان المشهود عليه موسرا فلا سعاية للشاهد على العبد، وإن كان معسرا فله السعاية عليه، وهكذا في المحيط.
قوله: (ولو علق أحدهما عتقه بفعل فلان غدا وعكس الآخر ومضى ولم يدر عتق نصفه وسعى في نصف لهما) أي لو علق أحد الشريكين عتق العبد المشترك بفعل زيد غدا كان قال إن دخل زيد الدار غدا فأنت حر وعكس الشريك الآخر بأن قال مثلا إن لم يدخل زيد الدار غدا فأنت حر ومضى الغد ولم يعلم دخوله أو عدمه فإنه يعتق نصف العبد بغير سعاية ويسعى العبد في نصف قيمته للشريكين. وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد:
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست