وسبعة أميال عراق وطائف * وجدة عشر ثم تسع جعرانه ومن يمن سبع بتقديم سينها * وقد كملت فاشكر لربك إحسانه واختلف العلماء في أن مكة مع حرمها هل صارت حرما آمنا بسؤال إبراهيم عليه السلام أم كانت قبله كذلك؟ والأصح أنها ما زالت محرمة من حين خلق الله السماوات والأرض ا ه. ثم اعلم أنه ليس للمدينة حرم عندنا فيجوز الاصطياد فيها وقطع أشجارها وقد وردت أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرها صريحة في تحريم المدينة كمكة وأولها أصحابنا بأن المراد بالتحريم التعظيم، ويرده ما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا تقطع أغصانها ولا يصاد صيدها (1) فهو صريح في أن لها حرما كمكة فلا يجوز قطع شجرها ولا الاصطياد فيها والأحسن الاستدلال بحديث أنس الثابت في الصحيحين أنه كان له أخ صغير يقال له أبو عمير وكان له نغير يلعب به فمات النغير فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أبا عمير ما فعل النغير؟ ولو كان للمدينة حرم لكان إرساله واجبا عليه ولأنكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمساكه ولا يمازحه. وأجاب في المحيط عن الأحاديث الصحيحة في أن لها حرما أنها من أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى لأن الشجر للمدينة أمر تعم به البلوى وخبر الواحد إذا ورد فيما تعم به البلوى لا يقبل إذ لو كان صحيحا لاشتهر نقله فيما عم به البلوى ا ه. قوله: (ومن دخل الحرم بصيد أرسله) أي فعليه أن يطلقه لأنه لما حصل في الحرم وجب ترك التعرض لحرمة الحرم إذ هو صار من صيد الحرم فاستحق الامن. أراد به ما إذا دخل به وهو ممسك له بيده الجارحة لأنه سيصرح بأنه إذا أحرم وفي بيته أو في قفصه صيد لا يرسله فكذلك إذا دخل الحرم ومعه صيد في قفصه لا في يده لا يرسله لأنه لا فرق بينهما. فالحاصل أن من أحرم وفي يده صيد حقيقة أو دخل الحرم كذلك وجب إرساله وإن كان في بيته أو قفصه لا يجب إرساله فيهما فنبه بمسألة دخول الحرم هنا على مسألة المحرم، ونبه بمسألة المحرم الآتية على مسألة الحرم، وعمم الداخل ليشمل الحلال والمحرم. وليس المراد من إرساله تسييبه لأن تسييب الدابة حرام بل يطلقه على
(٧٢)