الدم يصوم ثلاثة أيام ولم أره لغيرها. وإنما لم يقيد المصنف ذبح الشاة بالحرم مع أنه مقيد به اتفاقا لما سنبينه في باب الهدى أن الكل مختص بالحرم، فإن ذبح في غيره لا يجزئه عن الذبح إلا إذا تصدق بلحمه على ستة مساكين على كل واحد منهم قدر قيمة نصف صاع من حنطة فإنه يجوز بدلا عن الاطعام. كذا ذكره الأسبيجابي ولا يختص بزمان اتفاقا. وأشار بقوله ذبح إلى أنه يخرج عن العهدة بالذبح حتى لو هلك المذبوح بعده أو سرق فإنه لا شئ عليه بخلاف ما إذا سرق وهو حي فإنه يلزمه غيره، ومقتضاه جواز الأكل منه كهدي المتعة والقران والأضحية لكن الواقع لزوم التصدق بجميع لحمه كما سيأتي في بابه لأنه كفارة.
فالحاصل أن له جهتين: جهة الإراقة وجهة التصدق، فللأولى لا يجب غيره إذا سرق مذبوحا، وللثانية يتصدق بلحمه ولا يأكل منه. كذا في فتح القدير. وأطلق في التصدق والصوم فأفاد أن له التصدق في غير الحرم وفيه على غير أهله. قال في المحيط: والتصدق على فقراء مكة أفضل. وإنما لم يتقيد بالحرم لاطلاق النص بخلاف الذبح لأن النسك في اللغة الدم المهراق بمكة، ويقال للمذبوح لوجه الله تعالى، ويقال لكل عبادة ومنه قوله تعالى * (إن صلاتي ونسكي) * (الانعام: 126) كما في المغرب. وأشار المصنف بلفظ التصدق الموافق للفظ الصدقة المذكورة في الآية إلى أن طعام الإباحة لا يكفي لأن التصدق ينبئ عن التمليك لقوله تعالى * (خذ من أموالهم صدقة) * (التوبة: 103) وحكى خلافا في المجمع بين أبي يوسف ومحمد، فعند أبي يوسف تكفي الإباحة، وعند محمد لا بد من التمليك. ورجح في غاية البيان قول أبي يوسف بأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الصدقة بالاطعام هنا فكان ككفارة اليمين.
وتعقبه في فتح القدير بأن الحديث ليس مفسرا لمجمل بل مبين للمراد بالاطعام وهو حديث مشهور علمت به الأمة فجازت الزيادة به. ثم المذكور في الآية الصدقة وتحقق حقيقتها بالتمليك فيجب أن يحمل في الحديث الاطعام على الاطعام الذي هو الصدقة وإلا كان معارضا، وغاية الامر أنه يعتبر بالاسم الأعم انتهى. فالحاصل ترجيح قول محمد رحمه الله ولهذا قيل إن قول أبي حنيفة رحمه الله كقوله كما في الظهيرية لكن ذكر الأسبيجابي أن أبا