عنه في الهداية بأن طواف القدوم يصير واجبا أيضا بالشروع وأقره الشارحون وقد يقال: إن ما وجب ابتداء قبل الشروع أقوى مما وجب بالشروع فينبغي عدم المساواة. قيد بترك الطهارة للطواف لأن السعي محدثا أو جنبا لا يوجب شيئا، سواء كان سعي عمرة أو حج، لأنه عبادة تؤدى لا في المسجد الحرام. والأصل أن كل عبادة تؤدى لا في المسجد في أحكام المناسك فالطهارة ليست بواجبة لها كالسعي والوقوف بعرفة والمزدلفة ورمي الجمار بخلاف الطواف فإنه عبادة تؤدى في المسجد فكانت الطهارة واجبة فيه. كذا في الفتاوى الظهيرية قوله: (أو ترك أقل طواف الركن ولو ترك أكثره بقي محرما) أي يجب دم بترك شوط أو شوطين أو ثلاثة من طواف الزيارة، ولو ترك أربعة منه فإنه محرم في حق النساء بناء على أن الركن عندنا أكثر السبعة وهو أربعة أشواط على الصحيح كما قدمناه. وإنما أقيم الأكثر مقام الكل لأن الشرع أقام الأكثر في الحج مقام الكل في وقوع الامن عن الفوات احتياطا بقوله من وقف بعرفة فقد تم حجه. وقد قلنا من جامع بعد الوقوف لا يفسد وبعد الرمي لا يفسد بالاجماع، ولو حلق أكثر الرأس صار متحللا فلما كان الامر على هذا الوجه للتيسير جرينا على هذا الأصل فأقمنا الأكثر مقام الكل فباب التحلل وما يجري مجراه صيانة لهذه العبادة عن الفوات وتحقيقا للامر يعني أن الطواف أحد سببي التحلل فلما أقيم الأكثر مقام الكل في أحد السببين وهو الحلق بالاجماع أقيم في السبب الآخر وهو الطواف أيضا. كذا في النهاية. وتعقبه في فتح القدير بأن إقامة الأكثر في تمام العبادة إنما هو في حق حكم خاص وهو أمن الفساد والفوات ليس غير ولذا لم يحكم بأن ترك ما بقي أعني الطواف يتم معه الحج وهو مورد ذلك النص فلا يلزم جواز إقامة أكثر كل جزء منه مقام تمام ذلك الجزء وترك باقيه كما لم يجز ذلك في نفس مورد النص أعني الحج فلا ينبغي التعويل على هذا الحكم والله أعلم، بل الذي ندين به أن لا يجزئ أقل من السبعة ولا يجبر بعضه بشئ غير أنا نستمر معهم في التقرير على
(٣٥)