البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٦
انتهى. وقد يقال: إن إيجاب الدم إنما هو لكونه ارتكب ما هو حرام بسبب الاحرام فقط وليس ذكر الجماع بحضرة النساء منهيا عنه لأجل الاحرام فقط بل منهي عنه مطلقا وإن كان في الاحرام أشد، وبهذا يظهر ترجيح إطلاق الكتاب لأن الدواعي محرمة لأجل الاحرام مطلقا فيجب الدم مطلقا. وإنما لم يفسد الحج بالدواعي مع الانزال كما فسد بها الصوم لأن فساده تعلق بالجماع حقيقة بالنص والجماع معنى دونه فلم يلحق به، وأما فساد الصوم فمعلق بقضاء الشهوة وقد وجد. وفي المحيط: محرم عبث بذكره فلا شئ عليه وإن أنزل فعليه دم لأنه وجد قضاء الشهوة بالمس كما لو مس امرأة فأنزل، ولو أتى بهيمة فأنزل لم يفسد حجه وعليه دم كما لو جامع فيما دون الفرج، وإن لم ينزل فلا شئ عليه.
قوله: (أو أفسد حجه بجماع في أحد السبيلين قبل الوقوف بعرفة) معطوف على قبل قبل أي تجب شاة لما ورد عن الصحابة من الفساد به ووجوب الهدي وأدناه شاة، ويقوم الشرك في البدنة مقامها كما صرح به في غاية البيان. وما اختاره المصنف من الفساد بالجماع في الدبر هو أصح الروايتين عن أبي حنيفة كقولهما لكمال الجناية كما في فتح القدير. ومراده من آدمية، وأما وطئ البهيمة فلا يفسد مطلقا لقصوره. وأطلق في الجماع فشمل ما إذا أنزل أو لم ينزل، أولج ذكره كله أو بقدر الحشفة. وفي معراج الدراية: ولو استدخلت ذكر الحمار أو ذكرا مقطوعا يفسد حجها بالاجماع، ولو لف ذكره بخرقة وأدخله إن وجد حرارة الفرج واللذة يفسد وإلا فلا انتهى. وشمل ما إذا كان عامدا أو ناسيا، عالما أو جاهلا، مختارا أو مكرها، رجلا أو امرأة، ولا رجوع له على المكره كما ذكره الأسبيجابي. وحكى في فتح القدير خلافا بين ابن شجاع والقاضي أبي حازم في رجوع المرأة بالدم إذا أكرهها الزوج على الجماع فقال الأول لا، وقال الثاني نعم، ولم أر قولا في رجوعها بمؤنة حجها. وشمل الحر والعبد لكن في العبد يلزمه الهدي وقضاء الحج بعد العتق سوى حجة الاسلام، وكل ما
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست