البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٠
ما يعم القليل والكثير فهو غير صحيح بالنسبة إلى تقليم الأظفار لأن المنصوص عليه في الرواية أن المحرم إذا قص أظافير حلال فإنه يجب عليه صدقة وهي نصف صاع، وإن أراد به الصدقة التي هي نصف صاع التي هي المراد عند إطلاقهم الصدقة في هذا الباب فلا يصح أيضا لأن المحرم إذا حلق شاربه وجبت عليه الصدقة، فإذا حلق شارب غيره أطعم ما شاء كسرة خبز أو كفا من طعام لقصور الجناية، وقد وقع التعبير بإطعام شئ وجوبا للمسألتين في الجامع الصغير لكنه أتى بمن التبعيضية في تقليم الأظفار فقال في المحرم يأخذ من شارب الحلال أو يقص من أظفاره يطعم ما شاء، فسلم من الاعتراض فيكون المراد بما شاء العموم ا ه‍. وأشار في فتح القدير إلى جوابه بأن المنقول في الأصل وكافي الحاكم أن المحرم إذا حلق رأس حلال تصدق بشئ، وإذا حلق رأس محرم فعليه صدقة، وأن الجواب في قص الأظفار كالجواب في الحلق ا ه‍. فقوله في غاية البيان أن المحرم إذا قص أظافير حلال وجبت عليه الصدقة المعينة نصا معارض بالمنصوص عليه في ظاهر الرواية من التصدق بشئ وهو يعم القليل والكثير بدليل مقابلته بما إذا حلق رأس محرم، فحينئذ المراد بالطعام في عبارة الهداية ما يعم القليل والكثير وهو صحيح بالنسبة إلى الشارب والأظفار كلها. وبهذا علم أن التقييد بالحلال ليخرج ما إذا قص المحرم أظافير محرم آخر فإنه يجب عليه الصدقة المعينة، وظاهر ما في غاية البيان يقتضي أنه إذا حلق شارب غيره محرما كان أو حلالا فإنه يطعم ما شاء، فليس الحلال قيدا بالنسبة إلى الشارب كما لا يخفى. وعلم أيضا أن قوله فيما مضى كالحالق فيه اشتباه بالنسبة إلى المحلوق رأسه فإنه إن كان محرما فالتشبيه تام، وإن كان حلالا فلا يتم لأن الواجب إطعام شئ لا الصدقة المعينة.
قوله: (أو قص أظفار يديه ورجليه بمجلس أو يدا أو رجلا وإلا تصدق كخمسة متفرقة) معطوف على طيب أول الباب فيلزمه دم بالقص لأنه من المحظورات لما فيه من قضاء التفث وإزالة ما ينمو من البدن، فإذا قلمها كلها فهو ارتفاق كامل، وكذا إذا قص يدا أو رجلا إقامة للربع مقام الكل كما في الحلق، وإن لم يقص يدا كاملة ولا رجلا كاملة فعليه
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست