البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٢
بالصوم قوله: (وإن تطيب أو لبس أو حلق بعذر ذبح شاة أو تصدق بثلاثة أصوع على ستة أو صام ثلاثة أيام) لقوله تعالى * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) * (البقرة: 169) وكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا.
والآية نزلت في المعذور وهو كعب بن عجرة الذي أذاه هو أم رأسه فأبيح له الحلق كما في صحيح البخاري. وهي وإن نزلت في حلق الرأس لكن قيس الطيب واللبس والقص عليه لوجود الجامع وهو المرض أو الأذى. كذا في غاية البيان. وظاهر النهاية أنه إلحاق له بطريق الدلالة لأنه في معنى المنصوص عليه وهو الأولى لما عرف في الأصول أن ما ثبت بخلاف القياس فغيره عليه لا يقاس فهو كإلحاق الأكل والشرب بالجماع في كفارة الفطر في رمضان.
وفسر العذر المبيح كما ذكره قاضيخان في فتاواه بخوف الهلاك من البرد والمرض أو لبس السلاح للقتال. وهكذا في الظهيرية وفتح القدير، ولعل المراد بالخوف الظن لا مجرد الوهم فإذا غلب على ظنه هلاكه أو مرضه من البرد جاز له تغطية رأسه مثلا أو ستر بدنه بالمخيط لكن بشرط أن لا يتعدى موضع الضرورة فيغطى رأسه بالقلنسوة فقط إن اندفعت الضرورة بها، وحينئذ فلف العمامة عليها حرام موجب للدم أو الصدقة كما قدمناه. وكذا إذا اندفعت الضرورة بلبس جبة فلبس جبتين فإنه يكون آثما إلا أنه لا دم عليه حيث كان اللبس على موضع الضرورة إنما يلزمه كفارة مخيرة كما قدمنا. ذكره الإمام ابن أمير حاج الحلبي في مناسكه فليحفظ هذا فإن كثيرا من المحرمين يغفل عنه كما شاهدناه. فالحاصل أنه لا إثم عليه
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست